الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضدّه أم لا؟
وثانيا : أنّ المراد من الإرادة هل هي الإرادة التكوينيّة أو الإرادة التشريعيّة؟ إن كان المراد منها الإرادة التكوينيّة فلا شكّ في أنّها تحتاج إلى المبادئ ، ولا تتحقّق بدونها أصلا ، فإذا تعلّقت إرادة شخص بدخول السوق ـ مثلا ـ فلا بدّ من تصوّره والتصديق بفائدته والعزم والجزم حتّى تتحقّق الإرادة ، وتتعلّق الإرادة المذكورة بوجوب دخول السوق ، والوجدان أقوى شاهد على عدم تصوّره عنوان تركه والتصديق بفائدته وسائر المبادئ ، فكيف تتحقّق إرادة ثانية متعلّقة بترك النقيض ، فلا تتحقّق هنا إلّا إرادة واحدة.
وإن كان المراد منها الإرادة التشريعيّة ـ يعني إرادة المولى أن يبعث عبده إلى الدخول في السوق ـ فلا بدّ له من تصوّر البعث إلى دخول السوق والتصديق بفائدته وسائر المبادئ قبل صدور الأمر حتّى تتحقّق الإرادة. والمتوهّم يقول : إنّ بعد تعلّق الإرادة التشريعيّة بالبعث إلى دخول السوق تتعلّق إرادة تشريعيّة اخرى بالزجر عن تركه ، ونحن نقول : إنّ الإرادة تحتاج إلى المبادئ التي كان أوّلها : التصوّر ، وثانيها : التصديق بفائدته ، فبعد أمر المولى بوجوب دخول السوق فما الذي يترتّب على الزجر عن تركه من فائدة؟
ولا يتوهّم أنّه تتحقّق له فائدة تأكيديّة ، فإنّ التأكيد أوّلا : لا ينحصر بالنهي عن النقيض ، بل له طرق متعدّدة منها تأكيد الأمر الأوّل.
وثانيا : أنّ التأكيد خارج عن محلّ النزاع ؛ إذ القائل بالاقتضاء قائل بتعدّد الحكم ، والتأكيد مخالف لمدّعاه ، فلا يصحّ هذا المعنى لا في الإرادة التكوينيّة ولا في الإرادة التشريعيّة.
والحاصل : أنّ القول باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه الخاصّ يتوقّف