والاستحباب والحرمة ، وجميعها يشترك في جواز الترك ، فإن كان ملازم الثاني جائز الترك فتقتضي قاعدة الملازمة أن يكون ملازم الأوّل أيضا جائز الترك ، وهذا خلف ويوجب خروج الواجب عن كونه واجبا ، ولذا لا بدّ لنا لدفع هذا المحذور من القول بوجوب ملازم الثاني بعد وجوب ملازم الأوّل.
ولا يتوهّم أنّه لا ضرورة تقتضي لكون ملازم الثاني محكوما بحكم ، بل هو خال عن الحكم ، فالملازم الأوّل واجب ، والملازم الثاني ليس بواجب ولا غير واجب.
لأنّا نقول : إنّه لا بدّ له من حكم ؛ لدلالة الجملة المعروفة المسلّمة على أنّ لله في كلّ واقعة حكما يشترك فيه العالم والجاهل ، ولا إشكال في أنّ الملازم الثاني من مصاديق كلّ واقعة ، فلا بدّ له من حكم.
وهذا الدليل يجري في الحرمة أيضا ، بخلاف سائر الأحكام ؛ إذ لا إشكال في كون أحد المتلازمين مباحا والآخر مستحبّا أو مكروها.
وجوابه : أوّلا : سلّمنا أنّ لله في كلّ واقعة حكما يشترك فيه العالم والجاهل ، ولكن عنوان الواقعة عبارة عن فعل المكلّف وما يكون موضوعا للأحكام الخمسة التكليفيّة ، وهو عبارة عن الوجودات ، مثل : وجود الصلاة ، ووجود شرب الخمر ، وأمثال ذلك ، فهذا العنوان لا يشمل الامور العدميّة مثل : عنوان ترك الصلاة فيما نحن فيه ؛ إذ المدّعى أنّ الإزالة إذا كانت واجبة فترك الصلاة أيضا يكون واجبا من باب الملازمة ، مع أنّ عدم الصلاة ليس بواقعة حتّى يكون محكوما بحكم.
وثانيا : على فرض شمول كلمة الواقعة للامور الوجوديّة والعدميّة معا فإنّه يستلزم التالي الفاسد الذي لا يكون قابلا للالتزام به ، وهو اجتماع الحكمين