النفسيّين في الصلاة ـ مثلا ـ أحدهما : متعلّق بفعلها ، والآخر : متعلّق بتركها ، فيستحقّ تارك الصلاة عقابان لمخالفة الحكمين النفسيّين ، ولا يمكن الالتزام بتعذّر الحكمين ، سواء قلنا بشمول الرواية للامور العدميّة أم لا.
وثالثا : أنّه لا يتحقّق التطابق بين الدليل والمدّعى ، فإنّ العبارة المعروفة وما هو المسلّم بين الفقهاء ـ أي أنّ لله في كلّ واقعة حكما يشترك فيه العالم والجاهل ـ يرتبط بالواقع واللوح المحفوظ ، ولا يستفاد منها وجوب ترك الصلاة بعد وجوب الإزالة في مرحلة الواقع. نعم ، ترك الصلاة واجب في المرحلة الفعليّة من باب الملازمة ، ولا نعلم أنّه في الواقع أيضا كان كذلك.
ورابعا : أنّ مع قطع النظر عن جميع ما ذكرناه يكون أصل الاستدلال مصادرة للمطلوب ، فإنّك تقول : إن كان أحد المتلازمين واجبا والملازم الثاني إمّا يكون واجبا أيضا وإمّا ليس بواجب ، وعلى الثاني يجوز ترك الملازم الثاني ، ولازم ذلك جواز ترك الملازم الأوّل أيضا. ونحن نقول : إنّ هذا عين المدّعى وعين الكلام ؛ لأنّ سراية جواز الترك من الملازم الثاني إلى الأوّل مبتن على تسليم اتّحاد المتلازمين في الحكم ، فلا دليل لسراية الجواز ، ولا يلزم الخلف أصلا.
نكتة : وهي أنّ إطلاق عنوان التكليفيّة على الأحكام الخمسة يكون من باب التغليب.
توضيح ذلك : أنّ للواجب خصوصيّتين : الاولى : أنّ إيجابه يكون من الشارع ، والثانية : أنّه يشتمل على مصلحة لازمة الاستيفاء ، وهكذا في المستحبّ يكون استحبابه من ناحية الشارع ويشتمل على مصلحة غير لازمة الاستيفاء ، وهكذا في الحرام والمكروه. ولكنّ المباح يكون على نوعين : نوع