الاعتباري إلى إيجاد الطبيعة ، والموضوع له في هيئة «لا تفعل» عبارة عن الزجر الاعتباري عن إيجاد الطبيعة ، ولا دليل لكفاية وجود واحد من الطبيعة في مرحلة البعث الاعتباري ولزوم ترك جميع الوجودات منها في مرحلة الزجر الاعتباري ، فلا يصحّ ارتباط هذا الفرق بالوضع.
الثاني : أن يرجع هذا الفرق إلى العقل كما قال به صاحب الكفاية قدسسره (١) حيث ذكر بأنّ وجود الطبيعة يكون بوجود فرد واحد ، وعدمها لا يكاد يكون إلّا بعدم الجميع ، فدلالة النهي على الاستمرار إنّما هي بحكم العقل ، فالطبيعة توجد بوجود فرد ما ، ولا تنعدم إلّا بانعدام جميع الأفراد ، كما هو المعروف.
ويتبادر إلى الذهن صحّة هذا المعنى في بادئ النظر ، ولكنّ المسائل العقليّة لا تكون قابلة للإغماض ، فهل يصحّ هذا المعنى عقلا أم لا؟
والتحقيق : أنّه على فرض صحّته يصحّ على مبناه فقط ، لا على القول بأنّ الأمر عبارة عن السوق والتحريك والبعث الاعتباري إلى إيجاد الطبيعة ، والنهي عبارة عن المنع والزجر الاعتباري عن إيجاد الطبيعة ، مع أنّه لا يصحّ على مبناه أصلا.
توضيح ذلك : أنّ المحقّقين ـ ومنهم صاحب الكفاية قدسسره ـ يقولون : إنّ وجودا واحدا من وجودات الطبيعة يكون تمام الماهيّة وتمام الطبيعة ، مثلا : حمل «الإنسان» على «زيد» في قضيّة «زيد إنسان» حمل الشائع الصناعي ، فزيد هل هو تمام الإنسان أو حصّة من الإنسان؟ ومعلوم أنّه إنسان كامل من حيث الماهيّة الإنسانيّة ، وزيد وبكر ـ مثلا ـ إنسانان كاملان ، فإذا صار زيد موجودا
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٣٢.