بعد ما لم يكن موجودا صار الإنسان موجودا ، كما أنّه إذا صار بكر موجودا صار إنسان آخر موجودا ، فوجد إنسانان ، وإذا كان الأمر في ناحية الوجود كذلك يكون في ناحية العدم أيضا كذلك ، يعني إذا انعدم زيد انعدم الإنسان.
وبعبارة أخرى : إذا كان وجود فرد واحد وجود تمام الماهيّة فيرجع تعدّد الوجودات إلى تعدّد الطبيعة ، وقد مرّ في المنطق أنّ نسبة الكلّي الطبيعي إلى الأفراد عبارة عن نسبة الآباء إلى الأولاد ، لا نسبة أب واحد إلى الأولاد ، فكلّ واحد من الوجودات وجود مستقلّ من الطبيعة.
ومن المعلوم أنّ الوجود والعدم أمران متناقضان ، ولا يمكن اختلافهما في الوحدة والتكثّر ، فكيف يصحّ القول في ناحية الوجود أنّ للطبيعة وجودات متعدّدة حسب تعدّد المصاديق ويكفي لوجود الإنسان وجود فرد واحد منه ، وفي ناحية العدم أنّ عدم الإنسان متوقّف على انعدام جميع مصاديق الإنسان؟ فكما أنّه يترتّب على وجود زيد وجود الإنسان كذلك يترتّب على عدم زيد عدم الإنسان ولا يمكن التفكيك بينهما.
ولكن يمكن أن يقال : إنّه يستلزم اتّصاف طبيعة الإنسان بالمتناقضين بلحاظ الاتّصاف بوجود زيد ـ مثلا ـ والاتّصاف بعدم بكر في آن واحد.
وجوابه : أنّ المتناقضين في واحد حقيقي غير قابلين للاجتماع ، وأمّا اجتماعهما في الواحد الجنسي ـ كالناهق والناطق في الحيوان ـ وفي الواحد النوعي ـ كالعالم والجاهل في الإنسان ـ وفي الواحد الصنفي ، فلا بحث ولا إشكال فيه ، ولا يعقل أن يتّصف جسم واحد خارجي في آن واحد بالسواد والبياض ، بخلاف طبيعة الجسم فإنّها تتّصف بالسواد والبياض معا بلحاظ المصاديق ، وهكذا طبيعة الإنسان تتّصف بالوجود والعدم في آن واحد بلحاظ الأفراد الموجودة في الخارج والمعدومة فيه ، ولذا لا يصحّ بيان صاحب الكفاية قدسسره في ابتناء الفرق