وضع للبعث الاعتباري ، والنهي وضع للزجر الاعتباري ، ولا دلالة لهما على طلب الوجود وطلب الترك أصلا ، ومتعلّق البعث والزجر عبارة عن الطبيعة. الثاني : أنّ العقلاء بما هم عقلاء بدون الاستناد إلى الوضع والعقل يحكمون بأنّ المبعوث إليه وجود واحد من الطبيعة في باب الأوامر ، والمزجور عنه في باب النواهي عبارة عن جميع وجودات الطبيعة.
وتعلّق الزجر والنهي بها قد يكون بصورة انحلاله إلى النواهي المتعدّدة حسب تعدّد أفراد الطبيعة ، وهذا يرجع إلى بيان النائيني قدسسره.
وقد يكون الزجر والتكليف واحدا بدون انحلال ، والمزجور عنه عبارة عن جميع أفراد الطبيعة ، والحاكم بهذا هو العقلاء ؛ نظير أمر الأب ولده بترك شرب التتن بقوله : «لا تدخّن» ، ولا مانع من أن يكون للحكم مع وحدته موافقات ومخالفات متعدّدة ، وإسقاط الأمر بإطاعة واحدة وعصيان واحد أمر عقليّ ، ومعلوم أنّ الامور العقليّة تابعة للملاك العقلي ، ودليله بنظر العقل أنّ المبعوث إليه وجود ما من وجودات الطبيعة ، وبعد تحقّقه يتحقّق المبعوث إليه ويحصل الغرض وتصدق الإطاعة ويسقط الأمر ، ولذا يحكم العقل بأنّه لا وجه لبقاء الأمر واستمراره بعد ذلك.
وأمّا من جهة المخالفة فلا يكون العصيان بما هو عصيان مسقطا للتكليف عقلا وإن اشتهر ذلك بينهم ، وما يوجب سقوطه في الواجبات المؤقّتة عبارة عن امتناع تحقّقها وعدم قدرة المكلّف على إتيانها بعد مضيّ أوقاتها ؛ إذ الصلاة المقيّدة بالوقت الكذائي لا يمكن إيجادها بعد مضيّ هذا الوقت.
وأمّا عدم سقوط النهي بعصيان واحد وإطاعة واحدة عقلا فلا يكون إلّا لعدم تحقّق تمام الملاك وتمام الغرض ؛ إذ المنهيّ عنه عبارة عن جميع وجودات