الفسّاق منهم» في العموم من الابتداء ، فيكون للمولى حكم واحد ، وهو وجوب الإكرام ، ومتعلّقه العالم الذي لا يكون فاسقا ، فكما أنّه لا يجوز التمسّك ب «أكرم العلماء إلّا الفسّاق منهم» إذا شككنا في عالميّة زيد ، كذلك لا يجوز التمسّك به ، وأمّا إذا شككنا في عدالته وارتكابه الكبيرة حتّى يكون فاسقا أم لا ، فالمرجع هو الاصول العمليّة ، وهذا ممّا لا شبهة فيه ، ولا يحتاج إلى بحث زائد.
إنّما الكلام في المخصّص المنفصل كما لو قال المولى : «أكرم العلماء» ثمّ قال بعد مضيّ زمان : «لا تكرم الفسّاق من العلماء» ، فلا خلاف في عدم جواز التمسّك بعموم «أكرم العلماء» إن شككنا في عالميّة زيد ، وهكذا لا خلاف في عدم جواز التمسّك بعموم «لا تكرم الفسّاق من العلماء» إن شككنا في فسق زيد العالم ، وجواز التمسّك بعموم «أكرم العلماء» في هذه الصورة وعدمه مختلف بين العلماء ، ونرى في كتاب العروة التمسّك بالعام في شبهة مصداقيّة المخصّص في موارد.
والمحقّق النائيني قدسسره (١) قائل بأنّ المخصّصات المنفصلة ترجع إلى المخصّصات المتّصلة ، ولذا لا يجوّز التمسّك بالعام ، فإنّ المخصّص المنفصل يكشف من كون المراد من العلماء هو العلماء المتّصفون بعدم الفسق ، وإلّا لا فرق بين النسخ والتخصيص ، ولذا لا يجوز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة ، سواء كان المخصّص متّصلا أم منفصلا ؛ لعدم الفرق بينهما من حيث الماهيّة والظهور والاستعمال.
ولكنّه قد تقدّم التفكيك بين الإرادة الجدّيّة والاستعماليّة ، وأنّه يتحقّق فيما
__________________
(١) فوائد الاصول ١ : ٥٢٥ ـ ٥٢٦.