العامّ ، فكيف يمكن تخصيصه؟! كأنّه يقول من الابتداء : والمطلّقات بعولة خصوص الرجعيّات منهنّ أحقّ بردّهنّ ، إلّا أنّ هذا النزاع مع صاحب الكفاية قدسسره يكون نزاعا لفظيّا ، فإنّ هذا الفرض خارج عن محلّ النزاع.
الصورة الثانية : ما يكون محلّ النزاع ، وهو أن يكون العامّ والضمير موضوعين مستقلّين للحكمين المتغايرين ، ولكنّ مرجع الضمير يكون بعض أفراد العامّ قطعا ، والبحث في أنّ رجوع الضمير إلى بعض أفراده هل يوجب تخصيص حكم العامّ أيضا بمرجع الضمير أم لا؟ كما في قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(١) ـ إلى قوله ـ : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) ، ومعنى الجملة الاولى بلحاظ عموميّة الموضوع : أنّ كلّ مطلّقة ـ سواء كانت بائنة أم رجعيّة ـ يجب أن تعتدّ بثلاثة قروء ، ولكن لا شكّ في رجوع ضمير بعولتهنّ إلى المطلّقات الرجعيّات فقط ، فهل يستلزم هذا للالتزام باختصاص وجوب التربّص أيضا بالمطلّقات الرجعيّات أم لا؟
الأمر الثاني : ما لم يتعرّضه صاحب الكفاية قدسسره وهو : أنّه يمكن أن يقال : إنّ مرجع الضمير ليس بعض الأفراد ، بل جميع الأفراد يكون المرجع ، والموضوع للحكم الثاني كالموضوع للحكم الأوّل.
وجوابه : أنّ هذا الأمر يستفاد إمّا من الدليل النقلي كالإجماع والروايات وأمثال ذلك، وإمّا من الدليل العقلي ، نظير قول المولى للعبيد : «أهن الفسّاق واقتلهم» ، والعقل يحكم بأنّ وجوب القتل يختصّ ببعض الفسّاق ، ورجوع الضمير إلى بعض الفسّاق لا يوجب رفع اليد عن عموميّة الحكم الأوّل ، ومعلوم أنّ الدليل النقلي يكون بمنزلة قرينة منفصلة ، والحكم العقلي يكون
__________________
(١) البقرة : ٢٢٨.