وهكذا في المستثنى فإنّه قد يكون عامّا ذا أفراد متعدّدة ، مثل : «أكرم الفقهاء والاصوليّين والمفسّرين إلّا الفسّاق منهم» ، وقد يكون فردا واحدا مع صدق كلّ واحد من المستثنى منه عليه ، مثل : «أكرم العلماء وأهن الفسّاق وأضف كلّ هاشميّ إلّا زيدا» ، مع كونه مجمع كلّ العناوين المذكورة ، فيجب إكرامه بما أنّه عالم ، ويجب إهانته بما أنّه فاسق ، وتجب ضيافته بما أنّه هاشميّ ، وقد يكون المستثنى فردا يصدق على أفراد متعدّدة بتعداد المستثنى منه ، مثل : «أكرم الفقهاء والنحويّين والاصوليّين إلّا زيدا» ، ووجد المسمّى ب «زيد» في كلّ واحد من العناوين ، ومعلوم أنّ هذا النزاع يجري فيما كان المستثنى صالحا للرجوع إلى الكلّ ، لا في مثل ما إذا وجد المسمّى ب «زيد» في واحد من العناوين المذكورة لا في جميعها.
ثمّ قال : إنّ الاستثناء إن كان بغير الحرف من الاسم والفعل فلا يمكن ارتباطه بجميع الجمل ؛ لأنّه مستلزم لاستعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى واحد ، وهو أمر مستحيل ؛ بأنّ كلمة الاستثناء أو «استثنى» وضعت لإخراج واحد ، واستعمالها في الإخراج المتعدّد بلحاظ تعدّد المخرج عنه ممتنع.
وإن كان الاستثناء بأداة الاستثناء والحرف فقد مرّ أنّ الوضع في باب الحروف عامّ ، والموضوع له فيها خاصّ ، فكلمة «إلّا» وضعت لخصوصيّة خاصّة ، فكيف يمكن استعمالها في خصوصيّات متعدّدة؟! واستحالته واضحة.
ويتحقّق في بعض الصور استحالة اخرى بالنسبة إلى المستثنى كما في قولنا : «أكرم الفقهاء والاصوليّين والمفسّرين إلّا زيدا» بعد تحقّق المسمّى ب «زيد» في جميع العناوين وكون كلمة «زيد» علما لشخص واحد من حيث الوضع ، فإن خرج بها جميع المسمّيات يكون استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى