الواحد الذي لا يكون مخالفا لعموم الكتاب ، إمّا معدوم وإمّا نادر وهو كالمعدوم ؛ إذ الأخبار متضمّنة لبيان الأمر الزائد على عمومات الكتاب ، إذ تستفاد الأجزاء والشرائط وخصوصيّات العبادات والمعاملات منها ، ولغويّتها تستلزم تعطيل أكثر الأحكام مع توصية الأئمّة عليهمالسلام بحفظها وضبطها ومراقبتها.
ويمكن أن يقال بأنّ العامّ الكتابي قطعيّ الصدور وخبر الواحد ظنّي الصدور ، فكيف يمكن تخصيصه به؟!
وجوابه يحتاج إلى توضيح فيقال بأنّ المولى إذا قال لعبده : «أكرم كلّ عالم» ثمّ قال بعد مدّة : «لا تكرم زيد العالم» فلا شكّ في عدم جريان أصالة العموم وتخصيص «أكرم كلّ عالم» ، مع أنّ كلاهما قطعي الصدور.
كما أنّه لا شكّ في جريان أصالة العموم إذا صدر عن المولى : «أكرم كلّ عالم» واحتمل العبد صدور المخصّص أيضا عنه ، ولكن لم يجده بعد الفحص.
وأمّا إذا علم المكلّف بصدور «أكرم كلّ عالم» عنه ، وقامت قرينة ظنّية معتبرة مثل خبر الثقة بصدور «لا تكرم زيد العالم» أيضا عنه مع أنّه حجّة عند العقلاء ، فلا إشكال في أنّ طرفي المعارضة عبارة عن العامّ القطعي الصدور والخاصّ الظنّي الصدور ، ومعلوم أنّه للعامّ عبارة عن أصالة العموم التي يرتبط بالدلالة ، وللخاصّ عبارة عن الصدور ، وصدور العامّ كدلالة الخاصّ خالي عن المعارض ، ولا يمكن حفظ أصالة العموم في العامّ ، وصدور الخاصّ عن المولى ، فلا بدّ من الأخذ بأحدهما.
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ أصالة العموم مستندة إلى بناء العقلاء ، كما أنّ حجّيّة خبر الثقة مستندة إليه ، إلّا أنّ التمسّك بأصالة العموم مشروط عندهم بعدم الدليل المعتبر في مقابلها ، والشاهد على ذلك تقديم الخاصّ على أصالة