توضيح ذلك : أنّ طريق إثبات القرآنيّة ـ بأنّ هذه الآية أو السورة جزء من القرآن ـ منحصر بالإجماع والتواتر ، ولذا ردّ قرآنيّة قول عمر : «إذا زنيا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم» ، ولم يقبل منه أحد ، وإن التزم المتأخّرون من العامّة بنسخ آية الرجم تلاوة وبقائها حكما في مقام توجيه ادّعائه ، كما قالوا أيضا : إنّه الصحيح ما يروى عن عائشة وأنّ ممّا أنزل في القرآن : عشر رضعات معلومات يحرمن ... فنسخن بخمس رضعات معلومات ... وهذا هو التحريف ، مع اتّهامهم للشيعة بأنّهم قائلون بذلك ، والحال أنّهم أنكروا التحريف من الصدر الأوّل إلى يومنا هذا بأشدّ الإنكار.
وبالنتيجة لا يعقل نسخ الكتاب بخبر الواحد بعد انحصار طريق إثباته بالتواتر والإجماع وكونه بعنوان المعجزة الباقية إلى يوم القيامة لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلا بدّ من نسخه بآية اخرى أو الإجماع والخبر المتواتر ، بخلاف التخصيص فإنّه تبيين وتفسير للعامّ ، فخبر الواحد لا يصلح لأن يكون ناسخا للقرآن.
ثمّ إنّه وقع البحث في تحقّق آية الناسخ والمنسوخ في القرآن ، وأنكره بعض الأعلام قدسسره إلّا في آية النجوى بلحاظ ظهور العبارة في المنسوخيّة ، وهو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ...)(١) ، ولم يعمل بهذه الآية سوى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام بناء على الروايات ، وعليك بمراجعة التفاسير.
__________________
(١) المجادلة : ١٢ ـ ١٣.