الشاهد الثالث : أنّ سياق قوله عليهالسلام : «ما خالف قول ربّنا لم نقله» (١) وأمثال ذلك يكون آبيا عن التخصيص ، وهذا ممّا لا شبهة فيه ، مع أنّا نعلم إجمالا بصدور روايات تخالف عموم الكتاب وإطلاقاته عن الأئمّة عليهمالسلام بعد ملاحظة الكتب الروائيّة ، فكيف يمكن الجمع بين هذه الروايات وقوله عليهالسلام : «ما خالف قول ربّنا لم نقله» مع أنّ الظاهر منه عدم صدور رواية تخالف الكتاب أصلا ، حتّى رواية واحدة؟! ونستكشف من ذلك أنّ العموم والخصوص خارج عن دائرة التخالف.
الوجه الرابع الذي استدلّ به المانعون : أنّ عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد من المسلّم وممّا لا شكّ فيه ، فلا يجوز التخصيص به أيضا ؛ إذ لا فرق بين النسخ والتخصيص ، بل النسخ تخصيص في الأزمان والتخصيص المصطلح تخصيص في الأفراد ، فإنّ التخصيص يوجب خروج الأفراد العرضيّة والموجودة في زمان التخصيص كالفسّاق من العلماء ، والنسخ يوجب خروج الأفراد الطوليّة والموجودة بعد زمان النسخ.
وجوابه : أوّلا : أنّ القاعدة وإن كانت مقتضية لعدم الفرق بينهما ، إلّا أنّ الإجماع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد أوجب الفرق بينهما ، ولولاه لقلنا بالجواز في كليهما ، ولا بدّ من الاقتصار على المتيقّن فيما خالف القاعدة ، وهو النسخ دون التخصيص.
وثانيا : أنّ قياس النسخ بالتخصيص قياس مع الفارق ، حيث إنّ الدواعي لضبط نواسخ القرآن كثيرة ، ولذا قلّ الخلاف في تعيين موارده بخلاف التخصيص.
__________________
(١) انظر : الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.