التوقّف والتحيّر والرجوع إلى الأخبار العلاجيّة.
وثانيا : لو سلّم صدق المخالفة عليها فهي خارجة عنها حكما ، كما قال به صاحب الكفاية قدسسره وتتحقّق شواهد متعدّدة على عدم كون العموم والخصوص من المتخالفين.
الشاهد الأوّل : أنّه يتحقّق في كتاب الله العامّ والخاصّ كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١) ، وقوله تعالى في آية اخرى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا)(٢) ، ولا يكون للآية عنوان سوى التخصيص وتحريم الربا بها مع أنّه من العقود المتداولة بين الناس يكون مخالفا لعموم الآية الاولى ، والحال أنّه ذكر عدم الاختلاف في القرآن بعنوان الدليل لإعجاز القرآن ، كما أشار إليه قوله تعالى : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(٣) ، ومن هنا نستكشف خروج العامّ والخاصّ من عنوان المتخالفين.
على أنّ تخصيص الكتاب بخبر الواحد المحفوف بالقرينة القطعيّة يجوز حتّى عند المانعين ، فإن كان الخبر مخالفا للكتاب يكون قطعيّ الصدور أيضا كذلك ، وقطعيّة صدوره لا توجب خروجه عن دائرة التخالف ، وهذا يهدينا إلى عدم صدق عنوان المتخالفين على العموم والخصوص.
الشاهد الثاني : أنّه لا شكّ في عدم كون المخصّص المتّصل مخالفا ومتناقضا مع العامّ ، والوجدان حاكم بعدم الفرق بينه وبين المخصّص المنفصل من هذه الجهة ، ولا يمكن الالتزام بكونه مخالفا مع العامّ بخلافه ، فكلاهما لا يكونا متناقضين معه.
__________________
(١) المائدة : ١.
(٢) البقرة : ٢٧٥.
(٣) النساء : ٨٢.