بلحاظ آلي آخر ، وهذا لا يكون قابلا للمقايسة مع تصوّر الكلّي ؛ إذ لا يكون فيه إلّا لحاظ واحد.
وكان لاستاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) هنا بيان يحتاج إلى توضيح ، وهو متوقّف على ذكر مقدّمتين :
الاولى : أنّ التعريف والتنكير أمران واقعيّان لا يرتبطان باللحاظ والاعتبار ، ولذا لا يمكن تبديل المعرفة مع حفظ تعريفها بالنكرة ، وبالعكس ، فتكون معاملة المعرفة مع بعض الألفاظ ، مثل «زيد» ، بلحاظ تشخّص معناه وتعيّنه بحسب الواقع ، ودلالة اللفظ على المعنى المتخصّص بالخصوصيّات ، بخلاف النكرة مثل : لفظ «رجل» ؛ إذ لا دلالة له على التعيّن والتشخّص أصلا.
المقدّمة الثانية : أنّ الماهيّة في نفسها ليست بمعرفة ولا نكرة ، ولذا يتوقّف تعريف لفظ «الإنسان» إلى الألف واللام ، وتنكيره إلى التنوين ، وهذا دليل على أنّ الماهيّة بما هي هي لا تتّصف بأنّها معرفة ولا نكرة ، بل قابلة للاتّصاف بهما ، ولفظ «إنسان» بدون التنوين واللّام لا يكون معرفة ولا نكرة.
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ المستعمل في مقام الاستعمال قد يكون في مقام بيان ماهيّة الإنسان ـ مثلا ـ وقد يكون في مقام المقايسة بينها وبين سائر الماهيّات وبيان امتيازها عنها ، ومعلوم أنّ لكلّ ماهية خصوصيّة ذاتية لا تتحقّق في ماهيّة اخرى ، وهي لا ترتبط باللحاظ وعدمه ولا بالوجود وعدمه ، ففي نفس ماهيّة الإنسان امتياز لا يتحقّق في ماهيّة البقر ، وبالعكس.
ثمّ قال : إنّ اسم الجنس موضوع للماهيّة فيما كان الغرض بيان نفس الماهيّة ، وعلم الجنس موضوع للطبيعة بما هي متميّزة بذاتها بين المفاهيم ، فإنّ كلّ
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ٥٢٩.