بعضهم ، أنّ قوله (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) [المزّمّل : ١٨] جمع مذكر ك «اللّبن». ولم نسمع هذا من العرب ، والتفسير الأول جيد.
وقال يونس (١) : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) ذكر كما يذكر بعض المؤنث ، كما قال الشاعر (٢) [من المتقارب وهو الشاهد الحادي والثلاثون] :
فلا مزنة ودقت ودقها |
|
ولا أرض أبقل إبقالها |
وقوله (٣) [من المتقارب وهو الشاهد الثاني والثلاثون] :
فإمّا تري لمّتي بدّلت |
|
فإنّ الحوادث أودى بها |
وقد تكون «السماء» ، يريد به الجماعة ، كما تقول : «هلك الشاة والبعير» ، يعني كل بعير ، وكل شاة.
وكما قال تعالى (خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) [الطلاق : ١٢] أي : من الأرضين.
وأمّا قوله جل جلاله (اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) [الآية ٢٩] ، فإنّ ذلك لم يكن من الله تبارك وتعالى لتحوّل ، ولكنه يعني فعله ، كما تقول : «كان الخليفة في أهل العراق يوليهم ثم تحوّل الى أهل الشام» انما تريد (٤) تحوّل فعله.
وأمّا قوله سبحانه ، حكاية على لسان الملائكة (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) [الآية ٣٠] ، فلم يكن ذلك إنكارا منهم ، على ربّهم ، إنّما سألوا ليعلموا ، وأخبروا عن أنفسهم ، أنّهم يسبّحون ويقدّسون. أو قالوا ذلك ، لأنّهم كرهوا أن يعصى الله ، لأنّ الجنّ ، قد كانت أمرت قبل ذلك فعصت.
وأما قوله تعالى (نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ
__________________
(١). هو يونس بن حبيب وقد مرت ترجمته قبلها.
(٢). هو عامر بن الجوين الطائي ، الكتاب ١ : ٤٢٠ ، ومجاز القرآن ٢ : ٦٧ ، والمذكّر والمؤنث للمبرّد ١١٢ ، وجاء برواية «أبقلت» ووصف همزة «إبقالها» في المقاصد ٢ : ٤٦٤ ، وجاء منسوبا إلى الخنساء في شواهد العامليّ ١٥٠.
(٣). هو الأعشى ميمون بن قيس ، والبيت في الصبح المنير ١٢٠ بلفظ «فإمّا تريني ولي لمّة» و «ألوى» بدل «أودى».
وهو في الكتاب ١ : ٣٣٩ بلفظ رواية الأخفش ، وفي مجاز القرآن ١ : ٢٦٧ بلفظ «فإن تعهديني ولي لمة» ، وفي معاني القرآن ١ : ١٢٨ بلفظ : «فإن تعهدي لامرئ لمة» و «أزري» بدل «ألوى». وفي المذكّر والمؤنّث للمبرّد ١١٢ بلفظ «فإن تبصريني» ، وفي شرح القصائد السبع الطوال ٤٠٥ ، بلفظ معاني القرآن.
(٤). في الأصل : يريد بالياء.