التقضّي اسم ، ومن قال «فتقضى» رفع «ويسأم» ، لأنه قد عطف على فعل. وهذا واجب ، وقال الشاعر (١) [من الطويل وهو الشاهد التاسع والثلاثون] :
فإن لم أصدق ظنّكم بتيقّن |
|
فلا سقت الأوصال منّي الرّواعد |
ويعلم أكفائي من الناس أنّني |
|
أنّا الفارس الحامي الذمار المذاود (٢) |
وقال الشاعر (٣) [من الوافر وهو الشاهد الأربعون] :
فإن يقدر عليك أبو قبيس |
|
نمطّ بك المنيّة في هوان (٤) |
وتخضب لحية غدرت وخانت |
|
بأحمر من نجيع الجوف آن (٥) |
فنصب هذا كلّه ، لأنّه نوى أن يكون الأوّل اسما ، فأضمر بعد الواو «أن» ، حتى يكون اسما مثل الأوّل ، فتعطفه عليه. وأمّا قوله تعالى (لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ) [الآية ١٦٧] و (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠٢) [الشعراء] فهذا على جواب التمني ، لأن معناه «ليت لنا كرّة». وقال الشاعر : [من الوافر وهو الشاهد الحادي والأربعون] :
فلست بمدرك ما فات منّي |
|
ب «لهف» ولا ب «ليت» ولا «لو أني» (٦) |
فأنزل «لو أني» ، بمنزلة «ليت» ، لأنّ الرجل إذا قال : «لو أنّي كنت فعلت كذا وكذا» ، فإنما تريد «وددت لو كنت فعلت». وإنما جاز ضمير «أن» في غير الواجب ، لأنّ غير الواجب يجيء ما بعده ، على خلاف ما قبله ناقضا له.
فلمّا حدث فيه خلاف لأوّله ، جاز هذا الضمير. والواجب يكون آخره على أوّله ، نحو قول الله عزوجل(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ
__________________
(١). هو حسّان بن ثابت الأنصاري.
(٢). البيت في ديوانه : ١٩٥ ب يعلم والمناجد.
(٣). هو النابغة الذبياني.
(٤). البيت في ديوانه ١٤٩ ب «تحط بك المنية في رهان» ، وفي الصحاح (قبس) ب «يحط» بدل «نمط» و «المعيشة» بدل «المنية» وفي اللسان «قبس» كما في الصحاح.
(٥). البيت في ديوانه ٤٩ ب «تخضب» ، وفي الجامع ١٧ : ١٧٥ ب «تخضب» كذلك.
(٦). في الصحاح واللسان «لهف» ، وفي الخصائص ٣ : ١٣٥ وشرح القطر ٢٠٥ ، ب «راجع» بدل «مدرك».