تقول : «زال الرجل» و «أزاله فلان» (١).
وقال سبحانه (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) [الآية ٣٦] (٢) فإنّما قال (اهْبِطُوا) والله أعلم ، لأنّ إبليس كان ثالثهم ، فلذلك جمع.
وقال تعالى (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) [الآية ٣٧] فجعل آدم المتلقّي (٣). وقد قرأ بعضهم (آدم) نصبا ورفع الكلمات ، جعلهن المتلقّيات (٤).
وقال تعالى (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) [الآية ٣٨] وذلك ، أن «إمّا» في موضع المجازاة ، وهي «إمّا» لا تكون «أمّا» وهي «إن» زيدت معها «ما» (٥) ، وصار الفعل الذي بعدها بالنون الخفيفة ، او الثقيلة ، وقد يكون بغير نون. وإنّما حسنت فيه النون ، لمّا دخلته «ما» ، لأنّ «ما» نفي ، وهو ما ليس بواجب ، وهي من الحروف التي تنفي الواجب ، فحسنت فيه النون ، نحو قولهم «بعين مّا أرينّك» (٦) حين أدخلت فيها «ما» ، حسنت النون. ومثل «إمّا» ها هنا قوله تعالى (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) (٢٦) [مريم] ، وقوله (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٩٤) [المؤمنون] فالجواب في قوله (فَلا تَجْعَلْنِي). وأشباه هذا ، في القرآن والكلام ، كثير. وأمّا «إمّا» في غير هذا
__________________
(١). وفي السبعة ١٥٣ ، والكشف ١ : ٢٣٥ ، والتيسير ٧٣ ، والجامع ١ : ٣١١ ، إلى حمزة ؛ وفي الشواذ ٤ إليه بإماله ؛ وفي البحر ١ : ١٦١ كذلك ، وأضاف إليه أبا عبيدة ونسبها بلا إمالة إلى الحسن وأبي رجاء وفي الطبري ١ : ٥٢٤ ، وحجّة ابن خالويه ٥١ ، والكشّاف ١ : ١٢٨ ، والإملاء ١ : ٣١ بلا نسبة.
(٢). في الأصل (اهبطوا منها جميعا بعضكم لبعض عدو) وهي الآية الثالثة والعشرين بعد المائة من السورة العشرين (طه). وفي الآية الثامنة والثلاثين من سورة البقرة ، أي الآية التي ستأتي بعد آيتين (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) [الآية ٣٨] وهذا يدل على أنّ الأخفش كان يقتضب الكلام ولم يكن يقرأ في نسخة من الكتاب الكريم.
(٣). في الطبري ١ : ٥٤٢ هي قراءة الحجّة من القراء وأهل التأويل ومن علماء السلف والخلف ؛ وفي الكشف ١ : ٢٣٦ ، والتيسير ٧٣ ، والبحر ١ : ١٦٥ ، إلى غير ابن كثير وفي حجّة ابن خالويه ٥١ بلا نسبة.
(٤). في السبعة ١٥٣ ، والكشف ١ : ٢٣٦ ، والتيسير ٧٣ ، والجامع ١ : ٣٢٦ ، والبحر ١ : ١٦٥ ، إلى ابن كثير وفي معاني القرآن ١ : ٢٨ ، والطّبري ١ : ٥٤٢ ، إلى بعض القرّاء بلا تعيين ؛ وفي حجّة ابن خالويه ٥١ بلا نسبة.
(٥). هذا الرأي لسيبويه المغني ١ : ٥٩.
(٦). هو مثل معناه «اعمل كأنّي أنظر إليك» ، يضرب في الحثّ على ترك البطء ؛ وما صلة دخلت للتأكيد ، ولأجلها دخلت النون في الفعل ، ومثله : ومن عضة ما ينبتنّ شكيرها. مجمع الأمثال ١ : ١٠٠.