يقول : «كذب عليكم الحجّ» (١) ف «الحجّ» مرفوع ، وإنّما يريدون أن يأمروا بالحج. قال الشاعر (٢) [من الكامل وهو الشاهد الثامن والأربعون] :
كذب العتيق وماء شنّ بارد |
|
إن كنت سائلتي غبوقا فاذهبي |
وقال (٣) [من الوافر وهو الشاهد التاسع والأربعون] :
وذبيانيّة توصي بنيها |
|
ألا كذب القراطف والقروف (٤) |
قال أبو عبد الله (٥) : «القراطف» ، واحدها «قرطف» : وهو كلّ ما له خمل من الثياب. و «القروف» ، واحدها «قرف» : وهو وعاء من جلود الإبل كانوا يغلون اللحم ، ويحملونه فيه في أسفارهم. ويقولون : «هذا جحر ضبّ خرب» والخرب هو الجحر. ويقول : أحدهم : «هذا حبّ رمّاني». فيضيف الرمّان إليه وإنّما له الحبّ ؛ وهذا في الكلام كثير.
وقوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) [الجاثية : ١٤] و (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [الإسراء : ٥٣] فأجراه على اللفظ حتى صار جوابا للأمر (٦). وقد زعم قوم ، أنّ هذا إنّما هو على «فليغفروا» و «قل لعبادي فليقولوا» ، وهذا لا يضمر كلّه ، يعني الفاء واللام. ولو جاز هذا لجاز قول الرجل : «يقم زيد» ، وهو يريد
__________________
(١). نسبتها كتب اللغة إلى الخليفة عمر بن الخطاب ، الصحاح واللسان والتاج «كذب» وعبارة الصحاح : «قال الأخفش : فالحجّ مرفوع ب «كذب» ومعناه نصب ، لأنّه يريد أن يأمر بالحج كما يقال : «أمكنك الصيد» يريد : «ارمه» قال الشاعر : «البيت» ، وفي اللسان نسبت العبارة إلى النضر بن شميل مع تغيير طفيف فيها. وفي التكملة «كذب» بعبارة مغايرة.
(٢). قيل هو عنترة ، وقيل بل الخرز بن لوذان السّدوسي. ديوان عنترة ٢٧٣ ، والكتاب وتحصيل عين الذهب ٢ : ٣٠٢ ، واللسان «كذب» ، والتاج «كذب» ، وقال إنه في ديوانيهما.
(٣). هو معقر بن حمار البارقي «الصحاح» «ق ر ف» «والجمهرة» «ر ف ق» اللسان «كذب» ، و «قرف» ، وشرح التبريزي للسقط ١٣٦٦ ، والخزانة ٢ : ٢٨٩ ، والتاج كذب.
(٤). في الصحاح «قرف» ب «وصت» و «بأن كذب» «والجمهرة» رفق ب «أوصت» و «بأن» وفي الخزانة كالجمهرة وفي المقاييس كالصحاح وفي التاج «كذب». كالجمهرة.
(٥). هو أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي أو محمد بن سلّام الجمحيّ. انظر مناقشة إشارة هذه الكنية إليه في منهج الأخفش الأوسط ٥١ ، ٥٤.
(٦). نقله في زاد المسير ٥ : ٤٧ ، والبحر ٦ : ٤٩ ، والإملاء ٢ : ٦٩ ، ورد عليه الرأي في الأخير.