يونس) رفعا (١) ، تجعل «إلّا» وما بعده ، في موضع صفة بمنزلة «غير» ، كأنّه قال : «فهلّا كانت قرية آمنت غير قرية قوم يونس» ومثلها (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢] فقوله تعالى (إِلَّا اللهَ) صفة ، ولو لا ذلك لانتصب ، لأنه مستثنى مقدّم ، يجوز إلقاؤه من الكلام. وكلّ مستثنى مقدّم ، يجوز إلقاؤه من الكلام نصب ، وهذا قد يجوز إلقاؤه ، فلو قلت «لو كان فيهما آلهة لفسدتا» جاز ، فقد يجوز فيه النّصب ، ويكون مثل قوله «ما مرّ بي أحد إلّا مثلك». قال الشاعر (٢) فيما هو صفة [من الطويل وهو الشّاهد الرابع والتسعون] :
أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة |
|
قليل بها الأصوات إلّا بغامها |
وقال (٣) [من الوافر وهو الشاهد الخامس والتسعون] :
وكلّ أخ مفارقه أخوه |
|
لعمر (٤) أبيك إلا الفرقدان |
ومثل المنصوب الذي في معنى «لكن» ، قوله الله عزوجل (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا) [يس] ؛ وهو في الشعر كثير وفي الكلام.
قال الفرزدق (٥) [من الطويل وهو الشاهد السادس والتسعون] :
وما سجنوني غير أنّي ابن غالب |
|
وأنّي من الأثرين غير الزّعانف (٦) |
يقول : «ولكنّني» ، وهو مثل قولهم :
«ما فيها أحد إلّا حمارا» لما كان ليس من أوّل الكلام جعل على معنى «لكنّ»
__________________
(١). في الشواذ ٥٨ إلى الجرمي والكسائي.
(٢). هو ذو الرّمة ، انظر ديوانه ٢ : ١٠٠٤ ، والكتاب وتحصيل عبن الذهب ١ : ٣٧٠.
(٣). هو عمرو بن معد يكرب الزبيدي. ديوانه ١٨١ ، والكتاب ١ : ٣٧١ ، والكامل ٣ : ١٢٤٠ ، والدرر ١ : ١٩٤ ، والبيان والتبيين ١ : ٢٢٨ ، وشرح سقط الزند للبطليوسي ٣ : ٩٧٧ ، والخزانة ٢ : ٥٢ ، وتحصيل عين الذهب ١ : ٣٧١ ؛ وقيل هو سوار بن المضرب ، تحصيل عين الذهب ١ : ٣٧١ ؛ وقيل هو حضرمي بن عامر الاسدي ، الخزانة والمؤتلف والمختلف ١١٦ ، وشرح شواهد المغني والدرر ١ : ١٩٤.
(٤). في الأصل لعمرو بالواو.
(٥). هو همّام بن غالب ، انظر ترجمته في الأغاني ٨ : ١٨٦ و ١٩ : ٢ ، وطبقات الشعراء ٢ : ٢٩٩ ، والشعر والشعراء ١ : ٤٧١.
(٦). البيت في ديوانه ٥٣٦ ، والكتاب وتحصيل عين الذهب ١ : ٦٧.