يريد : حتّى ما تزيد مخافة وعل على مخافتي.
وقال تعالى (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) (٨٩) وتفسيره : «فقليلا يؤمنون» و «ما» زائدة كما قال تجلى شأنه : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) [آل عمران : ١٥٩] يقول : «فبرحمة من الله» وقال (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (٢٣) [الذاريات] أي : لحقّ مثل أنّكم تنطقون ، وزيادة «ما» في القرآن والكلام ، نحو ذا كثير.
قال (١) [من المنسرح وهو الشاهد الحادي والعشرون بعد المائة] :
لو بأبانين جاء يخطبها |
|
خضّب ما أنف خاطب بدم (٢) |
أي : خضّب بدم أنف خاطب.
وقال تعالى (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) [الآية ٨٩] فان قيل فأين جواب (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ) [الآية ٨٩] قلت : «جوابه في القرآن كثير» ، واستغني عنه في هذا الموضع إذ عرف معناه (٣). كذلك جميع الكلام إذا طال تجيء فيه أشياء ليس لها أجوبة في ذلك الموضع ويكون المعنى مستغنى به ، نحو قول الله عزوجل (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) [الرعد : ٣١] فيذكرون ان تفسيره : «لو سيّرت الجبال بقرآن غير هذا لكان هذا القرآن ستسيّر به الجبال» فاستغني عن اللّفظ بالجواب ، إذ عرف المعنى. وقال تعالى (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) [آل عمران : ١٨٨] ، ولم يجئ ل «تحسبنّ» الأول بجواب ، وترك للاستغناء بما في القرآن
__________________
ـ و ١٣٩ ب «وقد» و «القفارة عاقل» ، ومعاني القرآن ١ : ٩٩ ب «ذي المطارة عاقل» ، وفي ٣ : ٢٧٢ ب «في المكاره عاقل» ، وفي معجم البلدان» «مطارة» ب «وقد» و «من ذي مطارة عاقل».
(١). هو المهلهل بن ربيعة التغلبي ، الكامل ٣ : ٨١٦ ، والجمهرة ٣ : ٢١١ ، والاشتقاق ٧٧ ، واللسان «ابن» ، المغني ١ : ٣١٢ ، وشرح شواهد المغني ٢٤٧ ، ومعجم البلدان «أبانان».
(٢). في اللسان ب «رمل» ، وفي المغني وشرح شواهده ب «زمل» ، وفي سائر المراجع الأخرى ب «ضرج» بدل «خضب» ، وأعاد ذكره بين الأبيات في شرح شواهد المغني ، ب «ضرج» أيضا».
(٣). نقل عنه هذا في إعراب القرآن ١ : ٦٣ ، والجامع ٢ : ٢٧ ، والبحر ١ : ٣٠٣.