(ما ذا) بمنزلة (ما). وان جعلت (ما ذا) بمنزلة «الذي» ، قلت : (قل العفو) (١) ؛ والأولى منصوبة ، وهذه مرفوعة ، كأنه قال : «ما الذي ينفقون» فقال : «الذي ينفقون العفو». وإذا نصبت فكأنه قال : «ما ينفقون» فقال : «ينفقون العفو» لأن «ما» إذا لم تجعل بمنزلة «الذي» ، ف «العفو» منصوب ب «ينفقون». وان جعلت بمنزلة «الذي» ، فهو مرفوع بخبر الابتداء ، كما قال (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٢٤) [النحل] ، جعل (ما ذا) بمنزلة «الذي» ، وقال (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) [النحل : ٣٠] ، جعل (ما ذا) بمنزلة «ما». وقد يكون إذا جعلها بمنزلة «ما» ، وحدها ، الرفع على المعنى. لأنّه لو قيل له : «ما صنعت»؟ فقال : «خير» ، أي : الذي صنعت خير ، لم يكن به بأس. ولو نصبت إذا جعلت «ذا» بمنزلة «الذي» ، كان أيضا جيّدا ، لأنّه لو قيل لك : «ما الذي صنعت» فقلت : «خيرا» أي : صنعت خيرا. كان صوابا. قال الشاعر (من الوافر وهو الشاهد الثلاثون) :
دعي ما ذا علمت سأتّقيه |
|
ولكن بالمغيّب نبّئيني |
جعل «ما» و «ذا» بمنزلة «ما» وحدها ، ولا يجوز أن يكون «ذا» بمنزلة «الذي» في هذا البيت لأنك لو قلت : «دعي ما الذي علمت» لم يكن كلاما. وقال أهل التأويل في قوله تعالى : (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [النحل : ٢٤] ، لأنّ الكفّار جحدوا أن يكون ربّهم أنزل شيئا ، فقالوا لهم : «ما تقولون أنتم أساطير الأوّلين» أي : «الذي تقولون أنتم أساطير الأوّلين» ، ليس على «أنزل ربّنا أساطير الأوّلين». وهذا المعنى فيما نرى ـ والله أعلم ـ كما قال تعالى (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) [الآية ٢٢٠] أي : فهم إخوانكم.
قال تعالى (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) [الآية ٢٢٢] والمحيض هو : الحيض.
وإنّما أكثر الكلام في المصدر إذا بني
__________________
ـ البحر ٣ : ١٥٩ أبا عمرو ، وزاد على أبي عمرو في الجامع ٣ : ٦١ قتادة والحسن وابن أبي إسحاق ، أمّا في المشكل ٦٨ فبلا نسبة ، وكذلك في الكشّاف ١ : ٢٦٢ ، والبيان ١ : ١٥٣ ، والإملاء ١ : ٩٣
(١). في السبعة ١٨٢ والكشف ١ : ٢٩٢ والتيسير ٨٠ ، والبحر ٢ : ١٥٩ إلى أبي عمرو ، وزاد في الجامع ٣ : ٦١ عليه الحسن وابن أبي إسحاق. وفي المشكل ٦٨ والكشّاف ١ : ٢٦٢ ، والبيان ١ : ١٥٣ ، والإملاء ١ : ٩٣ بلا نسبة.