شاكّا في البعث ، وإن كان الأول هو المشهور.
فإن قيل : لم قال الله تعالى لإبراهيم عليهالسلام (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) [الآية ٢٦٠] وقد علم أنّه أثبت الناس إيمانا؟
قلنا : ليجيب بما أجاب به ، فتحصل به الفائدة الجليلة ، للسّامعين من طلبه لإحياء الموتى.
فإن قيل : ما المقصود بقول إبراهيم (ع) كما ورد في التنزيل : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [الآية ٢٦٠] مع أنّ قلبه مطمئنّ بقدرة الله على الإحياء؟
قلنا : معناه ليطمئنّ قلبي ، بعلم ذلك عيانا ، كما اطمأن به برهانا ؛ أو ليطمئن بأنّك اتخذتني خليلا ، أو بأني مستجاب الدعوة.
فإن قيل : فما الحكمة في قوله تعالى : (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) [الآية ٢٦٠] أي فضمّهنّ ، ولفظ الأخذ مغن عنه؟
قلنا : الحكمة فيه تأمّلها ومعرفة أشكالها وصفاتها ، لئلّا يلتبس عليه بعد الإحياء ، فيتوهّم أنّه غيرها.
فإن قيل : لم مدح الله سبحانه المتّقين بترك المنّ ، ونهى عن المنّ أيضا ، مع أنّه وصف نفسه بالمنّان ، في نحو قوله تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران : ١٦٤]؟
قلنا : منّ بمعنى أعطى ، ومنه المنّان في صفات الله تعالى. وقوله سبحانه : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أي أنعم عليهم ، ونحو ذلك قوله تعالى : (فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ) [سورة ص : ٣٩]. أما وقوله : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ) [محمد : ٤] ، فهو من الإنعام بالإطلاق من غير عوض. المنّ هنا بمعنى الاعتداد بالنعمة ، وذكرها واستعظامها ، وهو المذموم.
فإن قيل : قوله تعالى : (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ) [الحجرات : ١٧] من القسم الثاني.
قلنا : ذلك اعتداد بنعمة الإيمان ، فلا يكون قبيحا ، بخلاف نعمة المال ، ولأنه يجوز أن يكون من صفات الله تعالى ما هو مدح في حقّه ، ذم في حقّ العبد كالجبّار ، والمتكبّر ، والمنتقم ، ونحو ذلك.
فإن قيل : لم قال تعالى : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ) [الآية ٢٦٦] ثمّ قال (فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) [الآية ٢٦٦]؟
قلنا : لمّا كان النخيل والأعناب أكرم