بقوله جلّ وعلا : (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) [الآية ٢٧٥] بعد نزول آية التحريم ، وذلك يكون كافرا ، والكافر مخلّد في النار.
فإن قيل : إنظار المعسر ، فرض بالنصّ ، والتصدّق عليه تطوّع ، فلم قال تعالى : (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [الآية ٢٨٠].
قلنا : كلّ تطوّع كان محصّلا للمقصود من الفرض ، بوصف الزيادة كان أفضل من الفرض ؛ كما أنّ الزهد في الحرام فرض ، وفي الحلال تطوّع ؛ والزهد في الحلال أفضل ، كما بيّنا كذلك هنا.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله تعالى : (بِدَيْنٍ) وقوله تعالى : (تَدايَنْتُمْ) [الآية ٢٨٢] مغن عنه.
قلنا : فائدته رجوع الضمير إليه في قوله تعالى : (فَاكْتُبُوهُ) [الآية ٢٨٢] إذ لو لم يذكره لقال : فاكتبوا الدّين ، فالأول أحسن نظما ، أو لأنّ التداين مشترك بين الإقراض والمبايعة وبين المجازاة ، وإنّما يميّز بينهما بفتح الدال وكسرها ؛ ومنه قوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (٤) [الفاتحة] ، أي الجزاء ، ومنه أيضا قوله سبحانه (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) (١٢) [الذاريات] ، فذكر الدّين ليتعيّن أيّ المعنيين هو المراد.
فإن قيل : لم شرط السفر في الارتهان بقوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ) [الآية ٢٨٣] ، وجواز الرهن لا يختصّ بالسفر؟
قلنا : لم يذكره سبحانه ، لتخصيص الحكم به ، بل لمّا كان السفر مظنّة عوز الكاتب ، والشاهد الموثوق بهما أمر على سبيل الإرشاد ، لحفظ مال المسافرين بأخذ الرهان.
فإن قيل : ما الحكمة في ذكر القلب ، في قوله تعالى : (فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) [الآية ٢٨٣] مع أنّ الجملة هي الموصوفة بالإثم لا القلب وحده؟
قلنا : كتمان الشهادة ، هو أن يضمرها ولا يتكلم بها ، فلمّا كان ذلك إثما مقترنا بالقلب ، ومكتسبا له أسند إليه ، لأنّ إسناد الفعل إلى الجارحة التي يعمل بها أبلغ ، كما يقال : هذا ما أبصرته عيني ، وسمعته أذني ، ووعاه قلبي.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ