«مؤمن» قد ذهبت النون الاخرة ، وهي المفتوحة ، وكذلك «بنون». ألا ترى أنك إنما زدت على «مؤمن» واوا ونونا ، وياء ونونا ، وهو على حاله لم يتغيّر لفظه ، كما لم يتغيّر في التثنية حين قلت «مؤمنان» و «مؤمنين». إلّا أنك زدت ألفا ونونا ، أو ياء ونونا للتثنية. وإنّما صارت هذه مفتوحة ليفرّق بينها وبين نون الاثنين. وذلك أن نون الاثنين مكسورة أبدا ، قال تعالى : (قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ) [المائدة : ٢٣] وقال (أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما) [يس : ١٤] والنون مكسورة.
وجعلت الياء للنصب والجرّ ، نحو «العالمين» و «المتقين» فنصبهما وجرّهما سواء ، كما جعلت نصب «الاثنين» وجرّهما سواء ؛ ولكن كسر ما قبل ياء الجميع وفتح ما قبل ياء الاثنين ليفرق ما بين الاثنين والجميع ، وجعل الرفع بالواو ليكون علامة للرفع ، وجعل رفع الاثنين بالألف.
وهذه النون تسقط في الإضافة كما تسقط نون الاثنين ، نحو قولك ، «بنوك» «ورأيت مسلميك» فليست هذه النون كنون «الشياطين» و «الدهاقين» و «المساكين». لأن «الشياطين و «الدهاقين» و «المساكين» (١) نونها من الأصل ألا ترى أنك تقول : (الشيطان) و «شييطين» و «دهقان» «دهيقين» و «مساكين» و «مسيكين» فلا تسقط النون.
فأمّا «الذين» ، فنونها مفتوحة ، لأنك تقول : «الذي» فتسقط النون لأنها زائدة ، ولأنك تقول في رفعها : «اللذون» لأن هذا اسم ليس بمتمكن مثل «الذي». ألا ترى أن «الذي» على حال واحدة. إلا أن ناسا من العرب يقولون : «هم اللذون يقولون كذا وكذا». جعلوا له في الجمع علامة للرفع ، لأن الجمع لا بد له من علامة ، واو في الرفع وياء في النصب والجر وهي ساكنة. فأذهبت الياء الساكنة التي كانت في «الذي» لأنه لا يجتمع ساكنان ، كذهاب ياء «الذي» إذا أدخلت الياء التي للنصب ، ولأنهما علامتان للإعراب ، والياء في قول من قال «هم الذين» مثل حرف مفتوح أو مكسور بني عليه اسم وليس فيه
__________________
(١). حار الأشموني بين هذيل وعقيل في نسبة هذه اللغة ١ : ١٥٨.