لأن «الصراط» مضاف إليهم ، فهم جر للإضافة. وأجريت عليهم «غير» (١) صفة أو بدلا. و «غير» و «مثل» قد تكونان من صفة المعرفة التي بالألف واللام ، نحو قولك ، «إنّي لأمرّ بالرجل غيرك وبالرجل مثلك فما يشتمني» ، و «غير» و «مثل» إنّما تكونان صفة للنكرة ، ولكنهما قد احتيج إليهما في هذا الموضع فأجريتا صفة لما فيه الألف واللام. والبدل في «غير» أجود من الصفة ، لأنّ «الذي» و «الذين» لا تفارقهما الألف واللام ، وهما أشبه بالاسم المخصوص من «الرجل» وما أشبهه.
و «الصراط» فيه لغتان ، السين والصاد ، إلا أنّا نختار الصاد ، لأنّ كتابتها على ذلك في جميع القرآن (٢).
وقد قال العرب «هم فيها الجمّاء الغفير» فنصبوا ، كأنهم لم يدخلوا الألف واللام ، وإن كانوا قد أجروهما كما أجروا «مثلك» و «غيرك» كمجرى ما فيه الألف واللام ، وإن لم يكونا في اللفظ. وإنما يكون وصفا للمعرفة التي تجيء في معنى النكرة. ألا ترى أنك إذا قلت : «إنّي لأمرّ بالرجل مثلك» إنما تريد «برجل مثلك». لأنك لا تحدّد له رجلا بعينه ولا يجوز إذا حددت له ذلك ، إلّا أن تجعله بدلا ولا يكون على الصفة. ألا ترى أنه لا يجوز «مررت بزيد مثلك» إلا على البدل. ومثل ذلك : «إني لأمرّ بالرجل من أهل البصرة» ولو قلت : «إني لأمرّ بزيد من أهل البصرة» لم يجز إلا أن تجعله في موضع حال. فكذلك (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ).
__________________
(١). في التهذيب «غير» رأي الأخفش في هذا البداية وفي إيضاح الوقف والابتداء ١ : ٤٧٧ أنه يراه نصبا على الاستثناء وفي البحر ١ : ٢٩ ، كذلك وفي إعراب القرآن ١ : ١٠ أضاف إلى ذلك أنه نصب على الحال.
(٢). جاء في لسان العرب (سرط) أن الصاد في «الصراط» لغة وأن السين هي الأصل ، وأن عامة العرب تقولها بالسين ، وقريش الأولون تقولها بالصاد. وفي السبعة ١٠٥ نسبت القراءة بالسين إلى ابن كثير أبي عمرو في رواية ، وفي حجّة الفارسي ١ : ٣٧ إلى ابن كثير وابن عمرو ونسب إليهما كذلك القراءة بالصاد وفي الإبانة ١٣ و ٧٣ إلى ابن كثير في رواية قنبل وفي ١٣ أيضا أنها لحمزة في رواية خلف وفي التيسير ١٨ و ١٩ إلى قنبل وفي البحر ١ : ٢٥ إلى قنبل ورويس ، وفي حجة الفارسي ١ : ٣٧ قراءة الصاد إلى أبي بكر وفي الإبانة ١٣ غير ابن كثير وحمزة وفي التيسير ١٩ إلى غير قنبل وخلف وخلاد وفي البحر ١ : ٢٥ ، إلى الجمهور في إعراب ثلاثين سورة ٢٨ بلا نسبة وفي الجامع ١ : ١٤٨ كذلك.