في هذا الشأن على وجه خاص ، فعلّمنا الله أن نتّقي كيده وشره بالاستعاذة.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (١) : هي بداية مباركة لسور القرآن ، ولكل عمل يعمله الإنسان ، فيتجرد من حوله وقوته ، ويبارك العمل باسم الله وبركة الله وقدرته.
وقد تكلم المفسّرون كثيرا في معنى البسملة وفي علاقة بعض ألفاظها ببعض. قال بعضهم : معنى «بسم الله» : بدأت بعون الله وتوفيقه وبركته. هذا تعليم من الله لعباده ليذكروا اسمه عند افتتاح القراءة وغيرها حتى يكون الافتتاح ببركة اسمه جلّ وعزّ.
وقال الإمام محمد عبده : إنها تعبير يقصد به الفاعل إعلان تجرّده من نسبة الفعل إليه ، وأنه لو لا من يعنون الفعل باسمه لما فعل ، فهو له وبأمره وإقداره وتمكينه ، فمعنى : «أفعل كذا باسم فلان» : أفعله معنونا باسمه ولولاه ما فعلته.
قال الأستاذ الإمام : وهذا الاستعمال معروف مألوف في كل اللغات ، وأقربه ما يرى في المحاكم النظامية حيث يبتدئون الأحكام قولا وعملا ، باسم السلطان أو الخديوي فلان.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ) : الحمد هو الثناء بالجميل على واهب الجميل و «الله» علم على الذات الأقدس ، واجب الوجود ، ذي الجلال والإكرام. وهي جملة خبرية معناها : الشكر لله ، وفيها عرفان لله بالفضل والمنّة ، كما ورد في الأثر : «يا ربّ لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك».
وفي الفتوحات الإلهية : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) : الشكر لله المعبود للخواصّ والعوامّ ، المفزوع إليه في الأمور العظام ، المرتفع عن الأوهام المحتجب عن الأفهام ، الظاهر بصفاته وآلائه للأنام.
(رَبِّ الْعالَمِينَ) (٢) : الرب هو المالك المتصرف ، ويطلق في اللغة على السيد ، وعلى المتصرف للإصلاح والتربية.
والمتصرف للإصلاح والتربية يشمل العالمين ، أي جميع الخلائق. قال في تفسير الجلالين : «أي مالك جميع الخلق من الإنس والجن والملائكة والدوابّ وغيرهم ، وكل منها يطلق عليه عالم يقال له عالم الإنس وعالم الجن ، إلى غير ذلك».
والله سبحانه لم يخلق الكون ليتركه