أمرا بجهالة فلا شيء عليه».
وفيه : أنّ الظاهر من الرواية ونظائرها من قولك : «فلان عمل كذا بجهالة» ، هو اعتقاد الصواب أو الغفلة عن الواقع ، فلا يعمّ صورة التردّد في كون فعله صوابا أو خطأ.
______________________________________________________
أمرا بجهالة فلا شيء عليه) (١) ذكره الإمام عليهالسلام في باب الحج فيمن حج محرما في ثوب مخيط ، لكنّه من باب المورد فلا يخصص الوارد ، بل هو عام يشمل الشبهة الوجوبية والتحريمية ، والحكمية والموضوعيّة ، فيكون من أدلة البراءة.
لكنّ المصنّف حيث لم يرتض بدلالة هذه الرواية على البراءة ، أشكل على دلالتها بقوله : (وفيه : انّ الظّاهر من الرّواية ونظائرها من قولك : فلان عمل كذا بجهالة ، هو : اعتقاد الصّواب) في عمله بأن يكون جهلا مركبا ، (أو الغفلة عن الواقع) بأن كان غافلا غفلة مطلقة (فلا يعمّ صورة) الجهل البسيط المقترن بالشك و (التردد في كون فعله صوابا أو خطأ).
فانّ الجاهل قد يكون غافلا محضا ، وقد يكون جاهلا مركبا ، وقد يكون جاهلا بسيطا ، والأولان ليسا من محل الكلام ، وانّما الثالث هو محل البحث في البراءة لكن حيث يرى المصنّف انّ هذه الرواية ظاهرة في الأولين لا في الأخير الذي هو محل البحث أخرج الرواية عن الدلالة على البراءة فيما نحن فيه.
وربّما استدل للمصنّف بأنّ سببية الغفلة والجهل المركب أقوى للارتكاب من سببية الجهل البسيط للارتكاب ، إذ الشاك كثيرا ما يخاف من الارتكاب بخلاف
__________________
(١) ـ تهذيب الاحكام : ج ٥ ص ٧٢ ب ١ ح ٤٧ وفيه (أي رجل) ، وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٢٤٨ ب ٣٠ ح ١٠٥٥٨ وج ١٢ ص ٤٨٩ ب ٤٥ ح ١٦٨٦١.