يعلم أنّ تغاير القسمين الأوّلين للاستصحاب في كلامه باعتبار كيفيّة الاستدلال ، حيث أنّ مناط الاستدلال في هذا القسم الملازمة بين عدم الدليل وعدم الحكم مع قطع النظر عن ملاحظة الحالة
______________________________________________________
وعدم الدليل ، كلاهما موجودان في محل واحد ويفيدان البراءة بتفاوت ملاحظة الحالة السابقة وعدم ملاحظتها.
ولذا قال المصنّف : ومنه (يعلم ان تغاير القسمين الأولين للاستصحاب في كلامه : باعتبار كيفية الاستدلال) اذ قد عرفت : ان المحقّق جعل في المعتبر أقسام الاستصحاب الجاري في الأحكام ثلاثة أقسام : استصحاب حال العقل ، وقاعدة عدم الدليل ، واستصحاب حال الشرع.
والأولان مشتركان في الظن بالبراءة في مورد البراءة ، فانّه اذا كان في السابق براءة ، ولم نعلم هل تبدّل الأمر من البراءة الى الاشتغال أو لم يتبدل؟ نستصحب البراءة ، وقد جعلهما المحقق قسمين لأمرين :
الأول : ان مناط الاستدلال في «عدم الدليل دليل العدم» هو : الملازمة ، ومناط الاستدلال في «الاستصحاب» هو : الحالة السابقة.
الثاني : ان بين الدليلين المذكورين عموما من وجه ، حيث تجري الملازمة سواء كانت حالة سابقة أم لا ، ويجري الاستصحاب سواء كانت ملازمة ام لا ، فانّه ربّما كانت الحالة السابقة ولا ملازمة ، كما فيما لا يعم به البلوى ، وربّما كانت الملازمة ولا حالة سابقة.
وأشار المصنّف الى الأمر السابق بقوله : (حيث ان مناط الاستدلال في هذا القسم) الثاني من الاستصحاب الذي ذكره المحقّق هو (الملازمة) عرفا وعادة (بين عدم الدليل وعدم الحكم) في الواقع (مع قطع النظر عن ملاحظة الحالة