وبالجملة : فالمجتهدون لا ينكرون على العامل بالاحتياط ، والافتاء بوجوبه من الأخباريّين نظير الافتاء بالبراءة من المجتهدين ، ولا متيقن من الأمرين في البين ،
______________________________________________________
لا ينفع عند تضارب الفقيهين ، فهو كما اذا سأل الجاهل عن طريق النجف فقال أحد السائقين الخبيرين : انّ الطريق من طرف الشرق ، وقال الآخر : انّه من طرف الغرب ، فهل ينفع قول أحدهما بحجّة انّه عالم وانّ السائل جاهل؟.
(وبالجملة : فالمجتهدون لا ينكرون على العامل بالاحتياط) علمه على الاحتياط ما دام لم يستلزم وسوسة ونحو ذلك (والافتاء بوجوبه من الاخباريين نظير الافتاء بالبراءة من المجتهدين) فكل من الأخباريين والمجتهدين يفتي بالاحتياط أو بالبراءة من باب الأدلة التي يراها دالة على مذهبه ، ولا يحق لأحد منهما الاشكال على الآخر : بأنّه لما ذا يسلك هذا المسلك بعد اقتناعه بوجود الأدلة على مسلكه.
نعم ، لكل واحد منهما البحث مع الآخر حتى يظهر انّ الحق في هذا الجانب أو في ذاك الجانب ولا يصح لاحد منهما انّ يتهم الآخر بالتساهل في الدين ، أو التشدّد فيه.
هذا (ولا متيقن من الأمرين في البين) لوضوح : انّه لو كان متيقنا لم يذهب الطائفة الثانية الى خلاف ذلك المتيقن ، وانّما كل طرف يستظهر من الأدلة ما يختاره.
لا يقال : الافتاء بالاحتياط مطابق للاحتياط لأنّه ان كان شرب التتن في الواقع حراما مثلا فقد سلم المحتاط من محذور الحرام ، وان كان حلالا لم يكن في تركه محذور ، لأن الحلال يختار الانسان بين فعله وتركه بمجرد ارادته.