المؤمنين عليهالسلام : «إنّ الله تعالى حدّ حدودا فلا تعتدوها ، وفرض فرائض فلا تعصوها ، وسكت عن أشياء ، لم يسكت عنها نسيانا فلا تتكلّفوها ، رحمة من الله لكم».
______________________________________________________
المؤمنين عليهالسلام : إنّ الله تعالى حدّ حدودا فلا تعتدوها ، وفرض فرائض فلا تعصوها ، وسكت عن أشياء ، لم يسكت عنها نسيانا) بل سكت عنها مصلحة (فلا تتكلفوها) أي : لا تسبّبوا لأنفسكم المشقة في امتثالها ، وذلك (رحمة من الله لكم) (١) أي : إن سكوته من جهة الرحمة عليكم حتى لا تقعوا في المشقة.
ولا يخفى : انّ جملة : «وضع عليه» معناها : أثبته عليه وكلفه به ، أمّا جملة «وضع عنه» فمعناها : رفع عنه ولم يكلفه به ، وفي الحديث : موضوع عنهم ، أي : مرفوع عنهم ، وقد تقدّم منّا : الفرق بين الوضع والرّفع ، ، فلا داعي إلى تكراره.
لكن لا يبعد أن يكون الحديث دالا على البراءة ، ولعلّ نسبة السكوت والحجب إلى الله تعالى يكون من جهة نسبة كلّ شيء إليه حتى الاضلال ، فانّ الكفار والمخالفين حين لم يؤمنوا وأصروا على كفرهم وخلافهم تركهم الله ليفعلوا ما شاءوا امتحانا لهم ، وللأنبياء والأئمة ، والمؤمنين ، فمنعوا الأنبياء والأئمة والرواة : عن بيان الأحكام كما قال سبحانه : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) (٢) ، وقوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ) (٣) الى غير ذلك.
ويؤيد هذا المعنى انه لو لم يبيّن الله حكما لم يكلف الناس بذلك الحكم
__________________
(١) ـ غوالي اللئالي : ج ٣ ص ٥٤٨ ح ١٥ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٧٥ ب ١٢ ح ٣٣٥٣١ ، من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ص ٧٤ ب ١٢ ح ٥١٤٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٨ ص ٢٦٧ ب ١٠٢ (بالمعنى).
(٢) ـ سورة إبراهيم : الآية ٩.
(٣) ـ سورة الانعام : الآية ١١٢.