ولا بدّ من نقل عبارة الغزالي المحكيّة في النهاية حتى يتضح حقيقة الحال ، قال الغزالي على ما حكاه في النهاية : «المستصحب إن أقرّ بأنّه لم يقم دليلا في المسألة ، بل قال : أنا ناف ، ولا دليل على النافي ، فسيأتي بيان وجوب الدليل على النافي ؛ وإن ظنّ إقامة الدليل فقد أخطأ ، فإنّا نقول : إنّما يستدام الحكم الذي دلّ الدليل على دوامه ،
______________________________________________________
هذا (ولا بدّ من نقل عبارة الغزالي المحكيّة في النهاية حتى يتضح حقيقة الحال) ونرى هل انه يقول بنفي الاستصحاب مطلقا كما يستظهره المصنّف من عبارته ، أو يقول بالتفصيل كما استظهره النهاية وغيرها؟.
(قال الغزالي على ما حكاه في النهاية) : ان («المستصحب) بصيغة اسم الفاعل (إن أقرّ بأنّه لم يقم دليلا في المسألة) على حجية الاستصحاب معتذرا : بأن الاستصحاب ليس سوى إبقاء الحالة الاولى إلى الحالة الثانية ، وإبقاء ما كان ، ليس إثبات شيء جديد حتى يحتاج إلى دليل جديد (بل قال : أنا ناف) أي : ناف لانتقاض الحالة الاولى ومنكر لحدوث شيء جديد على خلاف الحالة السابقة (ولا دليل على النافي) لأن المثبت يحتاج إلى الدليل دون النافي.
وعليه : فان أقرّ وقال بأنه ناف (فسيأتي بيان وجوب الدليل على النافي) أيضا ، كما انه يجب الدليل على المثبت ، لأن هذا النافي يريد اثبات الحالة السابقة إلى الحالة اللاحقة.
(وإن ظنّ إقامة الدليل) على حجية الاستصحاب ، مثل الاستدلال : بان ما ثبت دام (فقد أخطأ ، فإنّا نقول) في بيان خطائه : (إنّما يستدام الحكم الذي دلّ الدليل على دوامه) وحيث ان الدليل الدال على الدوام : من النص والاجماع وغير ذلك لم يكن موجودا ، فلا وجه لاستصحاب الحالة السابقة إلى الحالة اللاحقة.