فيجب أن يقاس حال الوجود على حال العدم المجمع عليه لعلّة جامعة ، فامّا أن يستصحب الاجماع عند انتفاء الجامع فهو محال ، وهذا كما أنّ العقل دلّ على البراءة الأصلية بشرط عدم دليل السمع ، فلا يبقى له دلالة مع وجود دليل السمع ، وكذا هنا : انعقد الاجماع بشرط العدم ، فانتفى الاجماع عند الوجود.
وهنا دقيقة ، وهو : أنّ كلّ دليل يضادّ نفس الخلاف ، فلا يمكن استصحابه مع الخلاف ، والاجماع يضادّه نفس الخلاف ، إذ لا إجماع مع الخلاف ،
______________________________________________________
(ف) نجيب عن القياس : بأن القياس في الأزمان كالقياس في الأفراد باطل ، إضافة انه قياس مع الفارق ، إذ (يجب أن يقاس حال الوجود على حال العدم المجمع عليه لعلّة جامعة) بين الوجود والعدم من وحدة مناط ، والشبه (فامّا أن يستصحب الاجماع عند انتفاء الجامع) كما فيما نحن فيه (فهو محال) لوضوح : ان الاجماع قد انعقد على حال العدم ، فلا يقاس عليه حال الوجود ، لأنه لا إجماع فيه.
(وهذا كما أنّ العقل دلّ على البراءة الأصلية بشرط عدم دليل السمع ، فلا يبقى له) أي : للعقل (دلالة مع وجود دليل السمع) فلا يقاس ما فيه بيان بما ليس فيه بيان (وكذا هنا : انعقد الاجماع بشرط العدم) أي : عدم وجدان الماء وعدم الخروج من غير السبيلين (فانتفى الاجماع عند الوجود) لهما.
(وهنا دقيقة) يلزم ملاحظتها (وهو : أنّ كلّ دليل يضاد نفس الخلاف ، فلا يمكن استصحابه مع الخلاف) فيما إذا كانت الحالة الثانية خلاف الحالة الاولى (والاجماع يضادّه نفس الخلاف ، إذ لا إجماع مع الخلاف).