كما يرشد إليه قوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) ، الظاهر في أنّ المحرّم إنّما هو لحم الحيوان الذي لم يقع عليه التذكية
______________________________________________________
تصوّر ان موضوع النجاسة عند المشهور أمر وجودي هو : الموت حتف الأنف ، أو الذبح على غير الطريقة الشرعية ، وانهم يريدون باستصحاب عدم التذكية إثبات هذا الموضوع الوجودي ، والحال ان الأمر ليس كذلك ، فان موضوع النجاسة عند المشهور أمر عدمي هو نفس عدم التذكية.
هذا ومن الواضح : ان جلد الحيوان في حال الحياة لم يكن مذكّى ، فبعد الموت لم نعلم انه ذكّي أو لم يذكّ ، فنستصحب عدم تذكيته ، فلا نريد إثبات شيء وجودي باستصحاب عدمي حتى يرد عليه : بانه إثبات لأمر أخص باستصحاب هو أعم.
إذن : فالشارع قد رتب النجاسة على أمر عدمي هو مجرد عدم التذكية ، لا أمر وجودي (كما يرشد إليه) أي : إلى كون موضوع النجاسة أمرا عدميا ، وهو عدم التذكية ، لا أمرا وجوديا ، وهو الموت حتف الأنف أو بالذبح الفاسد (قوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) (١) ، الظاهر في ان المحرّم انما هو لحم الحيوان الذي لم يقع عليه التذكية) وانما كان الظاهر من هذه الآية المباركة ذلك ، لأن الشارع جعل التذكية سببا للحل ، فإذا انتفت التذكية انتفت الحلية بنفسها من دون حاجة إلى أمر وجودي وهو الموت حتف الأنف أو الموت بالذبح الفاسد.
إذن : فالحرام عند الشارع هو مجرد غير المذكّى ، ومن المعلوم : التلازم بين
__________________
(١) ـ سورة المائدة : الآية ٣.