ولا ينافي ذلك ما دلّ على كون حكم النجاسة مرتبا على موضوع الميتة ، بمقتضى أدلّة نجاسة الميتة ، لأنّ الميتة عبارة عن : كلّ ما لم يذكّ ، لأنّ التذكية أمر شرعي توقيفي ، فما عدا المذكّى ميتة.
______________________________________________________
(و) ان قلت : ترتب حكم الحرمة والنجاسة على موضوع وجودي هو : الميتة ـ بحسب الأدلة ـ ينافي ما ذكرتم : من ان موضوع الحرمة والنجاسة أمر عدمي هو : عدم التذكية ، فالموت والحياة على ما في الأدلة ضدان وجوديان ولذا قال سبحانه : (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) (١).
وفي الحديث : ان الموت يؤتى به في القيامة على صورة كبش ويذبح بين الجنة والنار ، فيعلم كل فريق انه لا موت بعد ذلك ، فأهل الجنة خالدون إلى الأبد ، وأهل النار خالدون إلى الأبد ، إلّا ما شاء الله ، ولو كان إلى الموت سبيل بعد ذلك ، لمات أهل النار غما وهما ، ولمات أهل الجنة فرحا وسرورا.
وعليه : فإذا كان الموت والحياة أمران وجوديان ، لم يثبت باستصحاب عدم التذكية اللازم للحياة : الميتة ، التي هي موضوع الحرمة والنجاسة ، وذلك لأنه من الأصل المثبت.
ان قلت ذلك قلت : (لا ينافي ذلك) الذي ذكرناه : من ان موضوع الحرمة والنجاسة هو عبارة عن عدم التذكية لا ينافيه (ما دلّ على كون حكم النجاسة مرتبا على موضوع الميتة ، بمقتضى أدلّة نجاسة الميتة).
وإنّما لا ينافي ذلك ما دل على ترتّب حكم النجاسة على موضوع الميتة (لأنّ الميتة) ليست أمرا وجوديا ، بل هي (عبارة عن : كلّ ما لم يذكّ ، لأنّ التذكية أمر شرعي توقيفي) ذكرها الشارع بشرائطها المقرّرة (فما عدا المذكّى ميتة)
__________________
(١) ـ سورة الملك : الآية ٢.