فهذا غير متصوّر في المستقلات العقليّة ، لأنّ العقل لا يستقلّ بالحكم إلّا بعد إحراز الموضوع ومعرفته تفصيلا ، لأنّ القضايا العقليّة إمّا ضرورية لا يحتاج العقل في حكمه إلى أزيد من تصوّر الموضوع بجميع ما له دخل
______________________________________________________
بالشق الآخر في الواقعة الثانية ، وهذا هو ما أشار اليه بقوله : «واحتمال مدخلية موجود مرتفع».
ويحتمل ان يكون موضوع التخيير هو : دوران الأمر بين المحذورين للمتحيّر ما دام لم يأخذ بأحدهما ، فإذا أخذ بأحدهما في واقعة انعدم التحيّر ، فإذا تكرّرت الواقعة حدث التحيّر من جديد فحدث موضوع التخيير ، فيجوز له الأخذ بالشق الآخر في الواقعة الثانية ، وهذا هو ما أشار إليه بقوله : أو معدوم حادث.
وعلى كل حال : (فهذا) القسم الرابع من الأقسام المتصورة للحكم العقلي وهو الشك في الحكم للشك في بقاء موضوعه من جهة عدم تعيّنه (غير متصوّر في المستقلات العقليّة ، لأن العقل لا يستقلّ بالحكم إلّا بعد إحراز الموضوع ومعرفته تفصيلا) فلا يحكم مع الشك فيه.
مثلا : إذا كانت له زوجتان ولا يتمكن من إطعامهما كل يوم ، فالعقل يرى التخيير الاستمراري ، حيث ان العقل يرى ان وفاء بعض الحق لكل منهما أولى من إعطاء إحداهما دائما دون الاخرى ، بينما إذا كان مريضا ووصف له طبيبان نسختين كل منهما ضد ما وصفه الآخر ، فانه يقطع بشدة مرضه لو عمل كل يوم بما وصف أحدهما ، فهنا يرى العقل التخيير الابتدائي دون الاستمراري ، لأنه مقطوع الضرر ، فلا شك إذن في المقام كما عرفت.
وإنّما قلنا ان القسم الرابع غير متصور (لأنّ القضايا العقليّة إمّا ضرورية لا يحتاج العقل في حكمه إلى أزيد من تصوّر الموضوع بجميع ما له دخل