ليس قطعيا من جميع الجهات قطعي المتن والدلالة ، حتى يصير ممّا لا ريب فيه ، وإلّا لم يمكن فرضهما مشهورين ولا الرجوع إلى صفات الراوي قبل ملاحظة الشهرة ،
______________________________________________________
(ليس قطعيّا من جميع الجهات) يعني : انّه لا يلزم أن يكون الخبر المشهور (قطعيّ المتن والدلالة) أيضا بالإضافة إلى شهرته (حتّى يصير) هذا الخبر المشهور (ممّا لا ريب فيه ، وإلّا) بأن لزم أن يكون الخبر المشهور قطعي السند والدلالة والجهة أيضا ، لزم منه المحاذير التالية :
أوّلا : (لم يمكن فرضهما مشهورين) معا كما فرضهما الراوي ، وذلك لأنّه لو كان المشهور عبارة عمّا لا ريب في صحّته سندا ودلالة وجهة ، فانّه كيف يمكن تعارض خبرين لا ريب في صحّتهما معا سندا وجهة ودلالة؟ ففرضهما كذلك دليل على عدم لزوم كونهما مقطوعي الصحّة.
ثانيا : (ولا) أي : وكذا لم يمكن (الرجوع إلى صفات الراوي قبل ملاحظة الشهرة) فانّه لو كان المشهور قطعيّا ولا ريب في صحّته سندا ودلالة وجهة ، لوجب أوّلا تقديمه على الشاذّ بهذه الصفة لا بغيرها من الصفات ، فكيف ذكر الإمام عليهالسلام تقديم خبر ذي الصفات على صفة الشهرة؟ كما نجد ذلك في المقبولة ، حيث قال عليهالسلام فيها أوّلا : الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ثمّ قال عليهالسلام : ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به ، المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكمهما ، ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فانّ المجمع عليه لا ريب فيه» (١) فقدّم الإمام صفات الراوي على الشهرة مع انّه لو كان المراد بالمشهور :
__________________
(١) ـ الكافي (اصول) : ج ١ ص ٦٧ ح ١٠ ، تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٠٢ ب ٢٢ ح ٥٢ ، من لا يحضره ـ ـ الفقيه : ج ٣ ص ٨ ب ٢ ح ٣٢٣٣ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٠٦ ب ٩ ح ٣٣٣٣٤.