يوجب صرف أحدهما ، فحكمهما حكم الظاهرين المحتاجين في الجمع بينهما إلى شاهدين في أنّ العمل بكليهما مع تعارض ظاهريهما يعدّ غير ممكن ،
______________________________________________________
خارج من المتعارضين ، وذلك الدليل الثالث هو الذي (يوجب صرف أحدهما) عن ظاهره ، فانّه إذا كان كذلك (فحكمهما حكم الظاهرين المحتاجين في الجمع بينهما إلى شاهدين) أي : تصرّفين : تصرّف في هذا الظاهر ، وتصرّف في الظاهر الآخر ، وذلك كما لو دلّ الدليل الخارجي من إجماع ونحوه على جواز بيع العذرة الطاهرة ، وحرمة بيع العذرة النجسة في قوله : «ثمن العذرة سحت» (١) وقوله : «لا بأس ببيع العذرة» (٢) فانّه يكون حكمهما حينئذ حكم الظاهرين المتساويين (في أنّ العمل بكليهما مع تعارض ظاهريهما يعدّ غير ممكن) فيلزم الرجوع في مثلها إلى المرجّحات رأسا.
والحاصل : إنّ سند كلّ من المتعارضين مزاحم لدلالة الآخر ، ومعه فان كان أحدهما المعيّن قرينة واضحة لصرف ظاهر الآخر ، كما في تعارض النصّ والظاهر ـ مثلا ـ كان دليل حجيّة سند النصّ حاكما على دليل حجيّة ظهور الظاهر ، فيسقط ظهور الظاهر بسبب سند النصّ ، وأمّا إذا كان كلّ منهما يصلح لصرف الآخر عن ظاهره ، كما في تعارض العامّين من وجه بالنسبة إلى مادّة الاجتماع ـ مثلا ـ فانّه حيث يحتاج تعيّن أحدهما للقرينيّة إلى دليل ثالث ، لا يكون دليل التعبّد بالسند في شيء منهما حاكما على دليل التعبّد بالظاهر في الآخر ،
__________________
(١) ـ تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٧٢ ب ٢٢ ح ٢٠١ ، الاستبصار : ج ٣ ص ٥٦ ب ٣١ ح ٢ ، وسائل الشيعة : ج ١٧ ص ١٧٥ ب ٤٠ ح ٢٢٢٨٤.
(٢) ـ الكافي (فروع) : ج ٥ ص ٢٢٦ ح ٣ ، تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٧٢ ب ٢٢ ح ٢٠٢ ، الاستبصار : ج ٣ ص ٥٦ ب ٣١ ح ١ و ٣ ، وسائل الشيعة : ج ١٧ ص ١٧٥ ب ٤٠ ح ٢٢٢٨٥.