وأمّا ما ذكرنا في وجهه ، من عدم جواز طرح دليل حجّية أحد الخبرين لأصالة ظهور الآخر ، فهو إنّما يحسن إذا كان ذلك الخبر بنفسه قرينة على خلاف الظاهر في الآخر ، وأمّا إذا كان محتاجا إلى دليل ثالث
______________________________________________________
بخلاف المرجّحات في الظاهر والأظهر مثل : «اغتسل الجمعة» و «ينبغي غسل الجمعة».
(وأمّا ما ذكرنا في وجهه) أي : في وجه إطلاق إهمال المرجّحات واللجوء إلى الجمع في مثال العامّين من وجه بالنسبة إلى مادّة الاجتماع منهما ، ومثال الظاهر والأظهر ، كما في : «اغتسل» و «ينبغي» المؤدّي إلى الاجمال في كلا الموردين الموجب للرجوع إلى الأصل ان كان هناك أصل يوافق أحدهما ، وإلّا فإلى التخيير العقلي لا التخيير العلاجي السببي ، فانّ ما ذكر في وجهه : (من عدم جواز طرح دليل حجيّة أحد الخبرين لأصالة ظهور الآخر) وذلك لأنّ دليل حجيّة سند كلّ منهما مزاحم لدليل حجيّة ظاهر الآخر ، فإنّ معنى حجيّة سنديهما أن لا يؤخذ بظاهريهما المتعارضين ، ومعه فيحصل الاجمال في دلالتهما من غير فرق بين مثال الظاهر والأظهر ، وبين مثال مادّة الاجتماع في العامّين من وجه ، فانّ هذا الوجه لا يحسن في كلّ مكان.
وعليه : (فهو) أي : ما ذكر في وجه إهمال المرجّحات ووجوب الجمع (إنّما يحسن إذا كان ذلك الخبر بنفسه قرينة على خلاف الظاهر في الآخر) كما في النصّ والظاهر ، حيث إنّ الخبر النصّ بنفسه يكون قرينة على إرادة خلاف الظاهر من الخبر الآخر ، ففي هذه الصورة فقط يحسن إهمال المرجّحات واللجوء إلى الجمع الدلالي بينهما.
(وأمّا إذا كان) الجمع بينهما والتصرّف في أحدهما (محتاجا إلى دليل ثالث)