مثل صيغة الوجوب مع دليل نفي البأس عن الترك ، لأنّ العبرة بوجود احتمال في أحد الدليلين لا يحتمل ذلك في الآخر ، وإن كان ذلك الاحتمال بعيدا في الغاية ، لأنّ مقتضى الجمع بين العامّ والخاصّ بعينه موجود فيه.
______________________________________________________
مثل : صيغة الوجوب مع دليل نفي البأس عن الترك) كما إذا قال : يجب إكرام العلماء ، وقال : لا بأس بترك إكرام الفاسق ، فانّ «يجب» نصّ أو أظهر في الوجوب ، من «لا بأس» في الجواز ، فيتقدّم النصّ أو الأظهر وهو العام على الظاهر وهو الخاص ، ممّا يكون نتيجته : وجوب إكرام العالم الفاسق أيضا ، وفرق هذا مع الثاني الذي كان التوجيه فيه قريبا على ما عرفت هو : إنّ التوجيه في هذا بعيد ، وذلك لأنّ المتعارف هو تقديم الخاص على العام ، وهنا ثمّ تقديم العام على الخاص وهو بنظر العرف توجيه بعيد.
وإنّما لم يكن هناك فرق بين الاقسام الثلاثة (لأنّ العبرة) في الترجيح بحسب الدلالة في المتعارضين إنّما هو (بوجود احتمال في أحد الدليلين) بحيث (لا يحتمل ذلك في الآخر) حتّى (وإن كان ذلك الاحتمال بعيدا في الغاية) فانّ البعد غير الامتناع ، وذلك (لأنّ مقتضى الجمع بين العامّ والخاص) وهو : وجود احتمال في أحدهما لم يكن موجودا في الآخر ، فانّ هذا المقتضي (بعينه موجود فيه) أي : في كلّ واحد من الأقسام الثلاثة حتّى القريب والبعيد.
وعليه : فمناط العام والخاص المطلقين وهو الأوّل الذي ذكره المصنّف بقوله : «لا فرق في الظاهر والنصّ بين العام والخاص المطلقين» موجود بعينه في الاحتمالين الأخيرين اللّذين ذكرهما المصنّف بقوله : «وبين ما يكون التوجيه فيه قريبا وبين ما يكون التوجيه فيه بعيدا» أيضا.