مع إمكان دعوى العلم بعدم علم أهل العصر المتقدّم وعملهم بها ، بل المعلوم جهلهم بها ، فالأوجه هو الاحتمال الثالث.
فكما أنّ رفع مقتضى البراءة العقليّة ببيان التكليف كان على التدريج ، كما يظهر من الأخبار والآثار ، مع اشتراك الكلّ في الأحكام الواقعيّة ،
______________________________________________________
العموم والاطلاق ، وقد علم بتلك القرائن المتقدّمون وعملوا بها لعموم ابتلائهم بالنسبة إليها ، ثمّ خفيت تلك القرائن ممّا احتاجت مرّة ثانية إلى ذكر الإمام الصادق عليهالسلام لها في غاية البعد ، وذلك لأنّه إن علم المتقدّمون بها وعملوا عليها ، جرت السيرة منهم على ذلك ولم تختف بعد مدّة حتّى تحتاج إلى ذكرها مرّة ثانية ، وعلى فرض تحقّق مثل هذا الشيء فهو يكون نادرا جدّا ، بينما نرى أنّ المخصّصات والمقيّدات ليست نادرة بل هي أكثر من أن تحصى.
ثانيا : (مع إمكان دعوى العلم) البديهي منّا (بعدم علم أهل العصر المتقدّم وعملهم بها) أي : بهذه المخصّصات والمقيّدات (بل المعلوم) تاريخيّا (جهلهم) وعدم اطّلاع أهل العصر المتقدّم (بها) أي : بهذه المخصّصات والمقيّدات ، وذلك لقلّة الكتب ، وشدّة الظروف ، وصعوبة الأيّام ، ومع هذا الاشكال إذن لم يبق وجه للاحتمال الثاني أيضا.
إذن : (فالأوجه هو الاحتمال الثالث) وهو : التزام تأخير البيان عن وقت الحاجة لأجل مصلحة أهم (فكما أنّ رفع مقتضى البراءة العقليّة ببيان التكليف) من قبل الشارع الحكيم (كان على التدريج ، كما يظهر من الأخبار) المرويّة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام (والآثار) التاريخيّة من سيرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (مع اشتراك الكلّ في الأحكام الواقعيّة) من أوّل الاسلام ونزول القرآن