الله بشيء إلّا خالف عليه العامّة ، إرادة لإبطال أمره ، وكانوا يسألونه ، صلوات الله عليه ، عن الشيء الذي لا يعلمونه فإذا أفتاهم بشيء جعلوا له ضدّا من عندهم ، ليلبسوا على الناس.
الثالث : حسن مجرّد المخالفة لهم ، فمرجع هذا المرجّح ليس الأقربيّة إلى الواقع ، بل هو نظير ترجيح دليل الحرمة على الوجوب ،
______________________________________________________
الله بشيء) من الأحكام (إلّا خالف عليه العامّة ، إرادة لإبطال أمره) وان لا يكون له رأي يعرف بين الآراء (وكانوا يسألونه صلوات الله عليه عن الشيء الذي لا يعلمونه) أي : عن حكم المسألة التي لا يعلمون حكمها (فإذا أفتاهم بشيء جعلوا له ضدّا من عندهم) وعملوا بذلك الضدّ (ليلبسوا) الحقّ بالباطل (على الناس) (١).
ولا يخفى : إنّ مثل هذا شايع في الحكومات المتناحرة ، والحكّام الغاصبين ، والخلفاء الجائرين ، حتّى ورد انّ بني العباس لمّا جاءوا إلى الحكم غيّروا كلّ شيء كان في عهد بني اميّة ، من أحكام وقوانين ، وبقايا وآثار ، حتّى انّ علامات الفراسخ التي نصبها بنو اميّة في الطريق ، قلعوها عن مواضعها وجعلوها في أماكن أخر وبأشكال أخر ، فلا تعجب في أن يكون اولئك الذين عارضوا عليا عليهالسلام في الحكم ، وغصبوا حقّه في الخلافة ، أن يعارضوه في كلّ شيء.
الوجه (الثالث : حسن مجرّد المخالفة لهم) أي : للعامّة ، وذلك للتحرّز ـ مثلا ـ من الذوبان فيهم ، والانخراط في سلكهم ، ومعه (فمرجع هذا المرجّح) وهو مخالفة العامة على الوجه الثالث (ليس الأقربية إلى الواقع ، بل هو) مرجّح خارجي (نظير ترجيح دليل الحرمة على الوجوب) في كلام بعضهم ، وذلك فيما
__________________
(١) ـ علل الشرائع : ص ٥٣١ ح ١ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١١٦ ب ٩ ح ٣٣٣٥٧.