وكيف كان ، ولو كان كلّ واحد موافقا لبعضهم مخالفا لآخرين منهم وجب الرجوع إلى ما يرجّح في النظر ملاحظة التقيّة منه.
وربّما يستفاد ذلك من أشهريّة فتوى أحد البعضين في زمان الصدور ويعلم ذلك بمراجعة أهل النقل والتاريخ ، فقد حكي عن تواريخهم : «إنّ عامّة أهل الكوفة كان عملهم على فتاوى أبي حنيفة
______________________________________________________
(وكيف كان) الأمر فقد عرفت حكم الترجيح بالموافق لجميع العامّة ، والموافق لبعضهم بلا مخالفة الباقين (و) لكن (لو كان كلّ واحد) من الخبرين المتعارضين (موافقا لبعضهم مخالفا لآخرين منهم) أي : بأن كان لكلّ واحد من الخبرين المتعارضين جهة رجحان ، وجهة مرجوحية ، فانّه إذا كان كذلك (وجب الرجوع إلى ما يرجّح في النظر) أي : في نظر الفقيه (ملاحظة التقيّة منه) بمعنى :
انّه لا بدّ للفقيه أن يتأمّل حتّى يدرك انّ أيّ الخبرين أنسب بالحمل على التقيّة ، فيأخذ بما لا تقيّة فيه منهما حسب نظره وتشخيصه.
(وربّما يستفاد ذلك) أي : يستفاد رجحان لحاظ التقيّة في أحد الخبرين نظره وتشخيصه على الآخر وان كان الخبران معا موافقين لبعض العامّة ومخالفين لبعضهم الآخر (من أشهريّة فتوى أحد البعضين في زمان الصدور) أي : في زمان صدور الخبرين المتعارضين ، فانّ الخبر الموافق لأشهر الفتويين عند العامّة زمن صدور الخبرين ، يكون هو الأقرب إلى التقيّة من الآخر ، فيطرح ويؤخذ بالآخر.
هذا (و) من المعلوم : إنّ أشهرية الفتوى كانت آنذاك مختلفة بحسب اختلاف الأزمنة والأمكنة ، فيلزم أن (يعلم ذلك) أي : الأشهرية في مكان كذا ، أو زمان كذا (بمراجعة أهل النقل والتاريخ ، فقد حكي عن تواريخهم) ما يلي :
أوّلا : (انّ عامّة أهل الكوفة كان عملهم على فتوى أبي حنيفة) الذي كان