فيحمل على إرادة صورة عدم وجود هذا المرجّح في شيء منهما وتساويهما من هذه الجهة ، لا صورة
وجود هذا المرجّح في كليهما ، وتكافؤهما من هذه الجهة.
______________________________________________________
وإنّما كانت الفقرة الاولى في الكلّ أقوى ظهورا من الثانية في كفاية البعض ، لأنّ لفظ «العامّة» في الفقرة الاولى : جنس معرّف باللام فيكون ظاهرا في الجميع ، بينما لفظ «هما معا موافقان» ليس كذلك ، لوجود احتمالين فيه : إذ يحتمل أنّ السائل قد فهم من الفقرة الاولى موافقة جميع العامّة ، فسأل عمّا يصنع لو كان الخبران فاقدين لهذا المرجّح معا ، بأن لم يكن شيء منهما موافقا لهم جميعا؟ ويحتمل أنّ السائل قد فهم من الفقرة الاولى موافقة بعض العامّة ، فسأل عمّا يصنع لو كان الخبران واجدين لهذا المرجّح معا ، بأن كان كلّ منهما موافقا لبعضهم دون بعض؟ وحيث انّ الفقرة الاولى أقوى ظهورا تكون قرينة على المراد من الثانية.
وعليه : فإذا كانت الفقرة الاولى وهي : موافقة جميع العامّة ، قرينة على المراد من الثانية (فيحمل) قول السائل : «هما معا موافقان» (على إرادة صورة عدم وجود هذا المرجّح) وهو موافقة جميع العامّة (في شيء منهما) أي : من الخبرين المتعارضين (وتساويهما من هذه الجهة) أي : من جهة عدم وجود المرجّح يعني : عدم موافقة شيء منهما لجميع العامّة أو لمعظمهم (لا صورة وجود هذا المرجّح في كليهما) أي : في كلا الخبرين المتعارضين (وتكافؤهما من هذه الجهة) أي : من جهة وجود المرجّح يعني : موافقة الخبرين معا لجميع العامّة أو لمعظمهم ، وإذا كان كذلك فيكون الترجيح بموافقة جميع العامّة لهذا الدليل ، وبموافقة بعضهم لدليل المزيّة وليس لهذا الدليل ـ وذلك على ما عرفت ـ.