واستدلال المحقّق على ترجيح أحد المتعارضين بعمل أكثر الطائفة بأنّ الكثرة أمارة الرجحان والعمل بالراجح واجب ، وغير ذلك ممّا يجده المتتبّع في كلماتهم ، مع أنّه يمكن دعوى حكم العقل بوجوب العمل بالأقرب إلى الواقع في ما كان حجّيّتهما من حيث الطريقيّة ، فتأمّل.
______________________________________________________
الخبر الموافق له راجحا ، وقول بأنّ الأصل يوجب أن يكون طرفه الآخر المخالف له راجحا.
(و) مثل (استدلال المحقّق على ترجيح أحد المتعارضين بعمل أكثر الطائفة) أي : الشهرة العملية ، مستدلا لذلك (بأنّ الكثرة أمارة الرجحان) لأنّه يوجب الظنّ النوعي (والعمل بالراجح واجب) على ما عرفت ذلك من الأدلّة.
(وغير ذلك ممّا يجده المتتبّع في كلماتهم) ممّا يدلّ على انّ المرجّحات الخارجية غير المنصوصة أيضا توجب تقديم الراجح على غيره.
هذا (مع انّه يمكن) مضافا إلى ما ذكر من النصّ ومعاقد الاجماع (دعوى حكم العقل بوجوب العمل بالأقرب إلى الواقع فيما كان حجّيتهما) أي : حجيّة الخبرين المتعارضين (من حيث الطريقيّة) لا السببيّة ، فانّه إذا قلنا بحجيّة الأخبار من باب الطريقيّة والكشف عن الواقع ، لا من باب السببيّة والموضوعيّة ، أمكن دعوى استقلال العقل بوجوب أخذ أقرب الطريقين إلى الواقع ، إضافة إلى ما مرّ من التمسّك بالنصّ ومعاقد الاجماع ، بل ربّما يؤيّد ذلك دلالة الآيات عليه أيضا ، كقوله سبحانه : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى) (١)؟ ممّا يدلّ على انّ اللازم اتّباع الأحقّ.
(فتأمّل) فانّ حصر اخبار العلاج ، المزايا التي يصحّ الترجيح بها في امور
__________________
(١) ـ سورة يونس : الآية ٣٥.