كاستدلالهم على الترجيحات بمجرّد الأقربيّة إلى الواقع ، مثل ما سيجيء من كلماتهم في الترجيح بالقياس ، ومثل الاستدلال على الترجيح بموافقة الأصل بأنّ الظنّ في الخبر الموافق له أقوى ، وعلى الترجيح بمخالفة الأصل بأنّ الغالب تعرّض الشارع لبيان ما يحتاج إلى البيان.
______________________________________________________
ثمّ انّ المصنّف أخذ يبيّن تلك القرينة الظاهرة من العلماء بقوله : (كاستدلالهم على الترجيحات بمجرّد الأقربية إلى الواقع ، مثل ما سيجيء) ان شاء الله تعالى (من كلماتهم في الترجيح بالقياس) فانّ بعض العلماء جعل القياس من المرجّحات أيضا ، مستدلا له : بأنّه يوجب قوّة في الخبر الموافق للقياس بما لا يوجد مثله في الخبر الآخر المعارض له.
(ومثل : الاستدلال على الترجيح بموافقة الأصل) حيث انّ الخبرين المتعارضين إذا وافق أحدهما الأصل ، جعل بعض العلماء ذلك الأصل الموافق ، المسمّى بالمقرّر مرجّحا للخبر الذي وافق الأصل ، مستدلا لذلك : (بأنّ الظنّ) النوعي (في الخبر الموافق له) أي : الموافق للأصل (أقوى) من الظنّ النوعي في الخبر غير الموافق للأصل.
(و) مثل الاستدلال من بعض العلماء (على الترجيح بمخالفة الأصل) مستدلا على ذلك (بأنّ الغالب تعرّض الشارع لبيان ما يحتاج إلى البيان) والذي يحتاج إلى البيان هنا هو المخالف للأصل المسمّى بالناقل ، لا الموافق للأصل المسمّى بالمقرّر ، فإذا تعارض خبران أحدهما يدلّ على إباحة شيء ، والآخر على حرمته ، قدّم هؤلاء الفقهاء الحرمة على الاباحة ، لأنّ الحرمة تأسيس ، بينما الحلّ تأكيد ، ممّا ظاهره انّ في الترجيح بالأصل قولين : قول بأنّ الأصل يوجب أن يكون نفس