وأنّ الفقهاء إنّما رجّحوا بأصالة البراءة والاستصحاب في الكتب الاستدلالية ، من حيث بنائهم على حصول الظنّ النوعي بمطابقة الأصل ، وأمّا الاحتياط ،
______________________________________________________
بالاصول الثلاثة.
(و) ان قلت : فلما ذا نرى الفقهاء يرجّحون بالأصول ويجعلونه في عداد المرجّحات لأحد الخبرين المتعارضين على الآخر؟.
قلت : (انّ الفقهاء إنّما رجّحوا بأصالة البراءة والاستصحاب في الكتب الاستدلاليّة ، من حيث بنائهم على حصول الظنّ النوعي بمطابقة الأصل) للواقع : فإذا طابق أصل الاستصحاب أحد الخبرين حصل الظنّ النوعي بكونه موافقا للواقع ، من باب : انّه لو ثبت لدام ، وإذا طابق أصل البراءة حصل الظنّ النوعي بكونه موافقا للواقع من باب : انّه لو كان لبان ، فيكون الأصل حينئذ حجّة من باب الظنّ النوعي.
وعليه : فإذا كان الأصل حجّة من باب الظنّ النوعي ، فانّه يكون حينئذ في افق الأخبار ، وإذا كان في افق الأخبار جاز ان يكون مرجّحا أو مرجعا ، وعلى كون الأصل حجّة من باب الظنّ النوعي بنى الفقهاء الترجيح به ، أو الرجوع إليه عند التكافؤ ، امّا إذا كان حجّة من باب التعبّد ، فلا يكون مرجّحا ولا مرجعا ، لاختلاف افق الأصل مع افق الأخبار حينئذ.
هذا هو ملخّص الكلام بالنسبة إلى ترجيح الفقهاء بأصالة البراءة والاستصحاب.
(وأمّا الاحتياط) أي : ترجيح الفقهاء بأصل الاحتياط ، فحيث انّه لا يحصل من الاحتياط الظنّ النوعي بل ولا الظنّ الشخصي بكون الخبر المطابق للأصل