هذا ما وقفنا عليه من الأخبار الدالّة على التراجيح.
______________________________________________________
ومن المعلوم : أن المحكم والمتشابه من الدلالة ، ولقوله عليهالسلام في الثانية ، «أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا» (١) ممّا يدل على أن الكلام يتصرّف في دلالته ، وهذا هو معنى الجمع العرفي بين الخبرين المتعارضين الذي مرّ الكلام حوله ، فالروايتان الأخيرتان ليستا في الترجيح إلّا بحسب الدلالة ، بخلاف الروايات السابقة المتقدّمة عليهما ، فإنّها ظاهرة في الترجيح بحسب السند وما أشبه ذلك.
ثم لا يخفى : إنّ كل هذه الأحاديث العلاجية مطابق لبناء العقلاء في العالم لكن مع فارق وهو : أن مورد العلاج بهذه الأحاديث عندنا نحن المسلمين الأحكام المستفادة من كتاب الله وسنة رسوله وأهل بيته ، بينما عند غير المسلمين هو : الأحكام المستفادة من القوانين الوضعية ، الذي ابتلي بها المسلمون اليوم فخسروا دنياهم وآخرتهم ، وحيث أن ذلك واضح فلا حاجة إلى التفصيل (٢) ، نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لإعادة أحكامه وتطبيقها إن شاء الله تعالى ، فالأحاديث العلاجية في الجملة يدل عليها : العقل ؛ والعقلاء ، واضافة إلى السنّة بل إذا ضممنا إليه قوله سبحانه : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ ...) (٣) دلّ عليها الكتاب أيضا ، فالأدلة الأربعة دالة على الترجيح.
قال المصنّف : (هذا ما وقفنا عليه من الأخبار الدالّة على التراجيح) لكن لا يخفى : أن في المقام روايات اخرى دالّة على الترجيح أيضا ممّا لا حاجة
__________________
(١) ـ معاني الاخبار : ج ١ ص ١ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١١٧ ب ٩ ح ٣٣٣٦٠.
(٢) ـ وقد أسهب الإمام الشارح في الحديث عن القوانين الوضعية التي ابتلي المسلمون فيها في كتاب «لما ذا تأخّر المسلمون؟» وكتاب «سقوط بعد سقوط» وكتاب «الرجوع الى سنن الله تعالى».
(٣) ـ سورة آل عمران : الآية ٧.