وحكي عن بعض الأخباريّين : إنّ وجه إهمال هذا المرجّح كون أخبار كتابه كلّها صحيحة وقوله : «ولا نعلم من ذلك إلّا أقلّه» إشارة إلى أنّ العلم بمخالفة الرواية للعامّة في زمن صدورها أو كونها مجمعا عليها قليل ،
______________________________________________________
ولا يخفى : انّ هذا تأويل بعيد لكلام الشيخ الكليني ، لكن المصنّف رحمهالله لتأدّبه الكثير في قبال العلماء كتأدّبه في قبال الروايات ، يلتجئ إلى توجيه ذلك بما لا يكون منافيا للقواعد والأدلّة.
هذا (وحكي عن بعض الاخباريين) انّه قال : (انّ وجه إهمال) الشيخ الكليني (هذا المرجّح) الوصفي يعني : الأعدليّة والأوثقيّة هو : (كون أخبار كتابه كلّها صحيحة) ومن المعلوم : إنّ الصحّة توجب الجمع ، لا طرح أحد الروايتين لأجل الاخرى ، ومعه فلا داعي للترجيح.
ثمّ قال المصنّف : (وقوله) أي : قول الشيخ الكليني («ولا نعلم من ذلك إلّا أقلّه») هو : (إشارة إلى أنّ العلم بمخالفة الرواية للعامّة في زمن صدورها) أي : انّ احتمال التقيّة في الخبر الموافق للعامّة إنّما يكون معتبرا إذا كانت التقيّة في زمن الصدور ، لا انّه إذا كانت التقيّة قبل ذلك أو بعد ذلك (أو كونها مجمعا عليها) زمن الصدور أيضا ، وذلك (قليل) جدّا على ما عرفت.
هذا ، وحيث إنّ المصنّف لم يفهم من كلام الشيخ الكليني قلّة مخالفة الكتاب ، لذلك لم يتعرّض لذكره ، مع انّ الظاهر من قوله : «ولا نعرف من جميع ذلك إلّا أقلّه» يشمل كلّ الثلاثة يعني : جهة مخالفة الكتاب ، وجهة مخالفة العامّة ، وجهة الشهرة وكونها مجمعا عليها معا.