تمضي في خضم التاريخ ، وها هي ذي نكسة أخرى الى الجاهلية ، ومشهد من مشاهد اللقاء بين الحق والباطل ، ومصرع جديد من مصارع المكذبين (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) ذات الكلمة الواحدة ، التي بها بدأ هذا الحق واليها يعود ، وذات المنهج الواحد في الاعتقاد. ويزيد هنا تلك المعجزة التي صاحبت دعوة صالح ، حين طلبها قومه للتصديق :
(وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ)
(وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) وقال (.. وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) انه الاشهاد على امانة التبليغ والنصح والبراءة من المصير الذي جلبوه واختاروه لانفسهم بالعتو والتكذيب (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ)
(وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٨٠) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١) وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٨٢) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٨٣) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤))
البيان : وتكشف لنا قصة قوم لوط عن لون خاص من الانحراف الفطري ، وعن قضية غير قضية الالوهية والتوحيد ، ان الاعتقاد في الله الواحد يقود الى الاسلام.
وقد شاءت سنة الله أن يخلق البشر ذكرا وانثى ، وان يجعلهما شقين للنفس الواحدة ، تتكامل بهما ، وان يتم الامتداد في هذا الجنس عن طريق النسل ، ومن ثم ركبهما وفق هذه السنة صالحين ، للالتقاء ، صالحين للنسل عن طريق هذا الالتقاء ، مجهزين عضويا ونفسيا لهذا الالتقاء ، وجعل اللذة التي ينالانها عندئذ عميقة ، والرغبة أصيلة ، وذلك