قائمة الکتاب
ـ نظرة الاسلام في الانسان
٤٩
إعدادات
تفسير البيان الصافي لكلام الله الوافي [ ج ٣ ]
تفسير البيان الصافي لكلام الله الوافي [ ج ٣ ]
تحمیل
لضمان ان يتلاقيا. فيحققا مشيئة الله في امتداد الحياة. ثم لتكون هذه الرغبة الاصيلة وتلك اللذة العميقة دافعا في مقابل المتاعب التي يلقيانها بعد ذلك في الذرية ، من حمل ووضع ورضاعة ، ومن نفقة وتربية وكفالة ، ثم لتكون حضانتهم أكثر من أطفال الحيوان ، ويحتاجون الى رعاية أطول من الجيل القديم.
هذه هي سنة الله التي يتصل ادراكها والعمل بمقتضاها بالاعتقاد في الله وحكمته ولطف تدبيره وتقديره ، ومن ثم يكون الانحراف عنها متصلا بالانحراف عن العقيدة ، وعن منهج الله عزوجل للحياة.
ويبدو انحراف هذه الفطرة واضحا في قصة لوط ، حتى أن لوطا ليجبههم بانهم أبدعوا دون خلق الله فيها ، وانهم في انحراف شنيع غير مسبوقين.
(أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً)
والاسراف الذي يدمغهم به لوط هو الاسراف في تجاوز منهج الله الممثل في الفطرة السوية. فاذا هم يريقونها في غير موضع الاخصاب ، فهو الشذوذ والانحراف والفساد الفطري.
(وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا : أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ).
فيا عجبا أو من يتطهر يخرج من القرية اخراجا ، ليبقى فيها الملوثون المدنسون المتسافلون. ولكن لما ذا العجب وما ذا تصنع الجاهلية الحديثة ـ وتسميه تقدمية وتحطيما للاغلال عن المرأة ـ أليست تطاردهم في أرزاقهم وأنفسهم وأفكارهم ولا تطيق أن تراهم يتطهرون :